الاثنين، 28 فبراير 2011

خليفة صفير كخليفة يوحنّا بولس الثاني بقلم الدكتور ناجي ميماسي




لو أتى موقف الفاتيكان في الشأن المارونيّ لصالح بقاء الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريركًا لإنطاكية وسائر المشرق لكانت وسائل إعلام لبنانيّة كثيرة رأت فيه تدخّلاً سافرًا في الشأن اللبنانيّ الداخليّ، وحربًا صليبيّة من نوع جديد، وانحيازًا فاضحًا لصالح فريق لبنانيّ على حساب آخر. أمّا وقد وافق بابا روما على استقالة بطريرك الموارنة فسيعتبر الفريق الذي روّج لهذه الاستقالة منتصرًا بعدما أسال حبرًا كثيرًا في رسم سيناريوتها بإيعاز من السفير البابويّ في لبنان وعبر تسريب معلومات من بعض المطارنة والكهنة المعنيّين مباشرة بموضوع خليفة صفير.
سيكتب الكثير في شأن استقالة البطريرك المارونيّ، وستتباين الآراء في شأن توقيتها وظروفها والعوامل التي أدّت إليها. لكن ما لا يمكن عارفًا في النفسيّة المارونيّة أن يتجاهله هو أنّ خليفة صفير سيكون كخليفة يوحنا بولس الثاني، مع فارق جوهريّ هو أنّ البطريرك المارونيّ لا يزال حيًّا ونشيطًا وقادرًا ولو بصمته على إلقاء ظلال وجوده على خليفته أيًّا يكن اسمه وشكله وانتماؤه. خصوصًا متى لاحظنا أنّ المطارنة الذين يتمّ تبادل أسمائهم، وأنا أعرف الكثير عنهم، لا يملكون الكاريزما التي لصفير. وسيكون من المستحيل في حفلة تنصيب البطريرك الجديد أن تقتنع الكاميرات بعدم الالتفات إلى الكاردينال صفير الذي سيكون نجم الاحتفال.
وفي خضم الوضع المسيحيّ المشرقيّ الخطير، وأمام ما يواجهه الموارنة من هجمة شرسة على تراثهم وفكرهم وحضارتهم ووجودهم، أتمنّى ألاّ يكون ظلّ البطريرك مار نصرالله بطرس صفير المخيّم على بكركي هو الهمّ الوحيد الذي يؤرق البطريرك الجديد.

المال والسلطة والدين بقلم جان عزيز



في كل جماعة ومجتمع، تقوم علاقة ما بين المال والسلطة. في لبنان، هناك وسيطة بين الاثنين، اسمها المرجعيات الدينية. أصلاً هي من الوسائط الثابتة في كل أنشطة الحياة العامة، استناداً إلى واقع تاريخي، كما إلى تطبيق راهن، ذهب في التدهور حتى المذهبية، وحتى الزبائنية السياسية المطلقة، لكن المغلّفة بمقولة النظام التعددي والتوافقي.
والواضح أن العلاقة بين المال والسلطة تطورت في كل أنحاء العالم، وعرفت قفزة كبرى مع بزوغ عصر العولمة، وسيطرة «السوق» بوصفها مفهوماً شمولياً على كل مجالات السياسة، وخصوصاً في ظل ظهور مفاهيم «القرية الكونية»، و«السيادة النسبية» ونهاية عصر الأيديولوجيا واندثار مفهوم «الدولة ـــــ الأمة»، لا بل حتى الدولة نفسها. حتى قال أحد السياسيين المحنكين يوماً إننا انتقلنا من زمن «الجيو ـــــ بوليتيك» إلى زمن «الإيكو ـــــ بوليتيك»، مع نسبة «الإيكو» إلى الاقتصاد لا غير.
والتطور نفسه لم يكن لبنان بعيداً عنه، وخصوصاً مع إطلالة الظاهرة الحريرية، بحيث تزامن الحراك السياسي اللبناني مطلع التسعينيات مع العولمة من جهة، والحريرية من جهة ثانية، فاكتمل «نقل» السلطة والسياسة، بزعرور الاقتصاد والمال.
غير أن عنصراً جديداً أضافته الحريرية إلى قواعد الحياة السياسية في لبنان، ألا وهو نقل المتموّلين والأثرياء وأصحاب المليارات من الكواليس إلى الخشبة، ومن خلف الستار إلى الواجهة. قبل الحريري، ومنذ قيام لبنان، كان المتمولون موجودين، لكن خلف السياسيين. مع الحريري والحريرية صار السياسيون والسياسة خلف المتمولين. منذ ثنائية إده والخوري، كان لكل منهما رأسماليوه ومصرفيوه. كانت الأرقام متواضعة، والأدوار كذلك. لكن الأهم أن القاعدة كانت أن يكون المال في خدمة السياسة والرأسمالي في خدمة السياسي. مع الحريري، انقلبت القاعدة، وأضيفت إلى أرقام المقاصّة الخاصة بها بضعة أصفار، وأسباب كافية للدوار.
بعد نحو عشرين عاماً من ولادة هذه الظاهرة، يمكن القول إنها تعمّمت، وصارت موجودة لدى كل الطوائف، مع تمايزات في الحدّة والفقاعة، ومع بعض استثناءات في حالات قليلة، ولأسباب يمكن تعدادها وفهمها في كل استثناء منها.
لكن اللافت في المرحلة الراهنة هو قيام مثلثات علائقية على هذا المستوى داخل كل مذهب. بين المال والسلطة، وبين الركن الثالث الجديد، والدارج اليوم، أي المؤسسة الدينية. هنا، بدأت تظهر بوضوح الفروق بين جماعة وأخرى، ما يستحق ربما الدرس المفصّل والمعمّق.
فلدى الجماعة الشيعية عموماً، استمر شيء ما من نمط لبنان القديم، أي بقاء عامل المال خلف الكواليس. لم يظهر الرأسماليون الشيعة على خشبة السياسة إلا نادراً، علماً بأنهم موجودون بقوة في بعض «المطابخ». غير أن واقع اغتراب الرساميل الشيعية، أو واقع الطابع «المقاوم» للتيار السياسي الشيعي المركزي، أو مفهوم «الخُمْس» الشرعي... كل ذلك أسهم في التخفيف من طغيان نموذج «الملياردير» على الطبقة السياسية الشيعية. والأهم أن «المؤسسة الدينية» الشيعية (رغم التحفّظات الكثيرة منهجياً حيال التسمية) ظلّت خارج سيطرة رساميل الطائفة، التي تبدو في خدمتها، لا العكس.
في المقابل، عرفت الجماعة السنيّة نوعاً من المساكنة بين أضلع المثلث كافة. المال، مع السلطة، مع المؤسسة الدينية، في حالة من التوازي المتكافئ في الشكل والظاهر. علماً بأن البعض يجزم بأن العلاقة في العمق غير ذلك. غير أن ارتباط الأضلع الثلاثة ربما بضابط خارجي ـــــ هو السعودية ـــــ سمح بهذه المساكنة «السويّة».
وحدها المؤسسة الدينية المسيحية خالفت النموذجين الشيعي والسني، حتى كادت تظهر في المناسبات العامة كأنها الضلع الأضعف في مثلث جماعتها، لا بل الضلع الذي يمالئ رأس المال، الذي يسعى إلى السلطة عبر ركوب الدين. وإلا فكيف لمناسبات دينية معينة أن «تغسل» ثروات مشبوهة، وأن يتعامل بعض رجال الدين وفق مبدأ «بالشكر تدوم النِّعَم»... علماً بأن التجارب برهنت أن الرجاحة الفكرية والعقلية والسياسية والأخلاقية لأصحاب تلك الرساميل ضحلة جداً. لا تشذّ عن ذلك إلا أمثلة قليلة لامعة في المؤسسة المارونية للانتشار. أما الباقي فيؤكد فعلاً أن مارون الراهب القديس مات حقاً، ومنذ زمن سحيق...
جريدة الأخبار - العدد ١٣٥١ الثلاثاء ١ آذار ٢٠١١
سياسة

تحيّة إلى صفير الحلقة التي لم تنكسر بقلم دنيز عطاالله/ السفير




«سبقني على الكرسي الانطاكي خمسة وسبعون بطريركا وسيأتي بعدي كثيرون، ولن اكون الحلقة التي ستنكسر». ([) 
.. ولم ينكسر. 
يذهب مار نصر الله بطرس صفير الى تقاعده المتأخر مرتاح الضمير، وان لم يكن مطمئن البال. يذهب مرفوع الهامة غير منكسر انما روحه مجرحة بأوجاع كنيسته وأبنائها. يسلم عصا الرعاية للسابع والسبعين قلقاً على الغد انما غير خائف على تجذّر كنيسته في هذه الارض. 
لم يحظ نصر الله صفير بإجماع ابنائه حوله. نادرون هم البطاركة الذين حظوا بذلك. فالتمايز والاختلاف نزعة مارونية متأصلة. لم يعتبرها صفير يوما امرا جللا ما دامت ضمن الاختلاف بالرأي وتحت سقف الكنيسة الجامعة. 
حين تروى سيرة البطاركة الموارنة ستكتب صفحات طويلة عن حبرية صفير. فخلال 25 سنة، من اصعب السنوات في تاريخ لبنان المعاصر، حمل صفير امانة كرسي انطاكية وسائر المشرق. وقف احيانا كثيرة وحيدا يدافع عن كل ما يختزنه «الوجدان الماروني». حارب وحورب من جميع ابنائه تقريبا وبقي على مواقفه. هم كانوا يقتربون او يبتعدون بحسب اهوائهم السياسية. اما هو فاختار الا ينكسر. في ازمنة الخوف والدعوة الى التقوقع والانعزال كان يتمسك بالعيش المشترك. في فترة «الوصاية» كان الصوت الصارخ في برية الاستقلال. في عهد الهجرة والنزوح لحق بأبنائه الى آخر الدنيا الى اميركا وأستراليا وأفريقيا والاتحاد السوفياتي كما الى مصر والاردن والجزائر. لكنه لم يزر سوريا مرة، وهي الجار الاقرب. ظّل يشير الى «اطماعها» بلبنان وأنها لا تتعاطى معه كوطن مستقل ذي سيادة. وعلى الرغم من مطالبته بأفضل العلاقات معها الا ان شرطه الدائم كان احترامها للبنان وعدم التدخل بشؤونه، وهو ما لم يقتنع به حتى اليوم. ولبنان هو عشق صفير الثاني بعد الحرية. كانت مرارته الدائمة ان المسيحيين لا يقدرون هذا البلد وتضحيات آبائهم ليتنعموا هم بهذا الكيان ـ الحلم. وكان يشعر بحزن مماثل لعدم معرفة المسلمين قيمة هذا البلد - الرسالة. ومع ذلك ظل يراهن على لحظة ما تجمعهم حول هذا الوطن. 
توسعت كنيسته وانتشرت على امتداد العالم. انشأ ابرشيات جديدة في قبرص وحيفا والمكسيك والارجنتين ولوس انجلس. اصبح الموارنة خارج لبنان أضعاف من هم في داخله. لبنان الذي يعرفه تغيّر، ومع ذلك بقي يحتل منه القلب والعقل. قال «ان الموارنة في خدمة لبنان وليس لبنان في خدمة الموارنة» وأدرج ذلك في توصيات المجمع البطريركي الذي هو احد انجازاته. فيه اجرت الكنيسة مراجعتها النقدية لمرحلة طويلة، لا سيما سنوات الحرب، ورسمت خارطة طريق لمراحل مقبلة. 
قبل ان يبلغ واحدا وتسعين عاما في ايار المقبل سيكون صفير قد ترك سدة البطريركية بعد 25 عاما على تبوئها. واحد وتسعون عاما قضى معظمها «حارثا في حقل الرب» كما اختار. فالابن الوحيد لمارون وحنة تسلل الى الدير حيث كنزه وقلبه. وهناك انهمك في الدراسة والعمل وحمل الاسرار الى ان انتخب بطريركا في 19 نيسان 1986 فارتجل كلمة قال فيها «انتخبتموني بطريركا اي رأسا وأبا وآليتموني شرفا اثيلا وحملتموني صليبا ثقيلا. انتخبتموني ولست بألمعكم ولا بأعلمكم ولا بأقدركم ولا بأوجهكم، لكنها إرادة الله». ومنذ لحظة الارتجال تلك لفتت فصاحته وقدراته اللغوية الأنظار. فأستاذ الفلسفة واللغة العربية، يحب هذه اللغة. يتقن ستاً غيرها لكنها الاحب الى قلبه. لا يخطئ في الارتجال ويستعين احيانا بكلمات تحتاج من العامة العودة الى القواميس. 
كثيرة هي مميزات السادس والسبعين على كرسي انطاكية. كثيرة هي انجازاته. لكن لنصر الله صفير عثراته ايضا. فالكنيسة تحتاج الى الكثير: الى اعادة مأسسة وخلق دوائر نشيطة وإشراك اكبر للعلمانيين. تحتاج الى رعاة قريبين من هموم الناس ومن اوجاعهم ومن ترجمة عملية لتوجهات المجامع الكنسية من الفاتيكاني الثاني الى اليوم. بكركي ايضا تحتاج الى ضخ الروح في هيكليتها كما الى احتضان اوسع لكل ابنائها. 
ومع ذلك يمكن لصفير ان يسير الى تقاعده مرتاحا الى تسليم الامانة. فهو لم يفرط بوزناته، لا بل ضاعفها وصعّب على خلفه التنازل او التفريط بأي منها. 
«فاذهب بسلام وصلِّ عنا و.. برخ مر ريش ريشونه (بارك يا سيد يا رئيس الرؤساء)». 
([) من كتاب انطوان سعد «السادس والسبعون»

الأحد، 27 فبراير 2011

هويّة الكنيسة المارونيّة (3)



كنيسة خلقيدونيّة
في قولنا إنّ كنيستَنا المارونيّة هي خلقيدونيّة، نَعني أنّها تواصل الأمانة "لسرّ التدبير الخلاصيّ" كما اعترف به وشهد له رهبان دير مار مارون، مهد كنيستنا، تبعًا "لقانون الإيمان" الذي حدّده آباء المجمع المسكونيّ الرابع في خلقيدونيا سنة 451. ويعلّم هذا القانون أنّ المسيح هو في طبيعتَين كاملتَين، إلهيّة وإنسانيّة، متّحدتين بشخص سيّدنا يسوع المسيح، وأنّ تمايز الطبيعتين يظلّ قائمًا بعد تلك الوحدة. وبهذا تأكيد على إنسانيّة السيد المسيح وحقيقة التجسّد والخلاص[1].
وقد استند آباء المجمع في تحديدهم هذا إلى الرسالة التي كان قد وجّهها البابا لاوون الكبير سنة 449 إلى فلافيانوس بطريرك القسطنطينية (446 - 449) وفيها يشجب قول الراهب أوطيخا بأن للمسيح طبيعة واحدة بعد التجسّد، بحيث يؤدّي ذلك إلى تلاشي الإنسانيّة في الألوهيّة وإلى إفراغ حدث التجسّد من معناه الخلاصيّ. واعتبر الآباء الرسالة البابويّة هذه "تتوافق واعتراف بطرس العظيم وتكوّن ركنًا مشتركًا مضادًا لذويّ الآراء الخاطئة"[2]. وممّا لا ريب فيه أن تمسّك دير مار مارون "بقانون الإيمان" الخلقيدوني، في سياق رسالة البابا لاوون، كان من العوامل الرئيسة والعريقة التي عزّزت لاحقًا شركة الكنيسة المارونيّة التامّة مع الكرسيّ الرسوليّ الرومانيّ (عدد 29). وتعبّر ليتورجيتُنا المارونيّة بشكل بليغ عن مفاعيل سرّ التجسّد في حياة الانسان حين نردّد كلّ يوم في القداس: "وحّدت يا ربّ لاهوتك بناسوتنا وناسوتنا بلاهوتك، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا ووهبتنا ما لك لتحيينا وتُخلّصنا، لك المجد إلى الأبد".
غير أنّ "قانون الإيمان" الخلقيدوني لاقى منذ البداية، لأسباب لاهوتيّة وغير لاهوتيّة، معارضةً قويّةً بلغت حدّ الرفض لدى معظم المسيحيّين في شرقنا، وهم يكوّنون ما يُسمّى اليوم بعائلة الكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة[3]. وتمحورت مواقفهم حول رفض التمايز بين الطبيعتين بعد التجسّد، منعًا لأيّ إنقسام بين لاهوت المسيح وناسوته، وبالتالي حرصًا منهم على الوحدة في شخص يسوع المسيح كما أقرّها آباء مجمع أفسس سنة 431. ولا بدّ لكنيستنا من أن تحمَد الله على النتائج الايجابيّة التي آلت إليها الحوارات اللاهوتيّة، الرسميّة وغير الرسميّة، في مسألة سرّ التجسّد، بين الكنيسة الكاثوليكيّة وعائلة الكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة، إذ بيّنت هذه النتائج أنّ الإيمان بهذا السرّ هو واحد في جوهره ومتنوّع في تعابيره. فلا يعودُ هذا التنوّع، كما كان حتى الماضي القريب، شعار تفرقةٍ وتباعدٍ بين الكنائس، مع ما يستتبع ذلك من تراجعٍ في الشهادة المسيحيّة، بل إرثًا غنيًا ومشتركًا بحيث لا تقوى عبارة واحدة على ادراك هذا السرّ العظيم أو الإحاطة به بطريقة حصريّة ونهائيّة[4].
في هذا السياق، وإن يكن هذا التنوّع يُصيب الألفاظ والتعابير من دون المساس بالجوهر، يمكننا القول بأنّه أَسهَم في بلورة أنماطِ حياةٍ كنسيّة مختلفة ومتكاملة أثّرت في روحانيّة كنائسنا ورسالتها في بيئتها. وهكذا تعي الكنيسة المارونيّة في ضوء تاريخها الطويل أنّ إيمانها بسرّ التجسّد، وفق الصيغة الخلقيدونيّة، أسهم في تكوين روحانيّة مارونيّة متجسّدة في بيئتها اللبنانيّة والمشرقيّة. وقد بدا ذلك في سعي أبنائها الدؤوب مع شركائهم في المصير، من مسلمين ومسيحيّين، إلى العمل معًا في شتّى المجالات الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، من أجل ترقّي الانسان، كلّ إنسان، ليستعيد، بيسوع المسيح، كلمة الله المتجسّد، كرامته وصورة الله فيه (راجع الفصل الخامس).


[1]نورد مقتطفات من قانون الايمان الخلقيدوني: "نعلّم بالاجماع، متّبعين الآباء القدّيسين، إننا نعترف بأنّ ربّنا يسوع المسيح هو ذات الابن الواحد، هو ذاته كامل في اللاهوت وهو ذاته كامل في الناسوت... ذات المسيح الواحد، ابن، رب، وحيد، معروف في طبيعتين، بلا اختلاط، ولا تحوّل، بلا انقسام ولا انفصال، بدون أيّ إلغاءٍ لاختلاف الطبيعتين بسبب الاتحاد..."؛ الكنيسة الكاثوليكية في وثائقها، دنتسنغر – هونرمان، الجزء الأوّل، سلسلة "الفكر المسيحيّ بين الأمس واليوم"، عدد 27، منشورات المكتبة البولسيّة، جونيه، 2001، ص 104-105.
[2]المرجع ذاته، ص 104.
[3]تضمّ هذه العائلة الأقباط، والسريان، والأرمن، والأحباش، والإريتريين، والملنكار الأرثوذكس.
[4]قامت هذه الحوارات بشكل أساسيّ برعاية مجلس الكنائس العالميّ (جنيف) والمؤسّسة النمساويّة الكاثوليكيّة "من أجل الشرق" (Pro Oriente)، والمركز الحبريّ لتعزيز الوحدة بين المسيحيّين (روما). توجد نبذة مختصرة عن هذه الحوارات والبيانات المشتركة في رسالة البابا   يوحنا بولس الثاني، ليكونوا واحدًا (1995)، عدد 62- 63.

سيرة البطريرك صفير ومؤلّفاته وإنجازاته



منذ طفولته حتى رسامته كاهناً
ولد في ريفون - كسروان بتاريخ 15 أيار 1920، في بيت عُرف بالتقوى. والده مارون صفير ووالدته حنه فهد من غوسطا، وله خمس شقيقات: ماتيلا، جوهرة، أوديت، لور، ميلانه.
أتمّ دروسه الابتدائيّة والتكميليّة في مدرسة مار عبدا - هرهريا في عرمون - كسروان (1933 - 1939)، ثم دروسه الثانويّة في المدرسة الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير- كسروان (1937 - 1939)، وفي المعهد الاكليريكيّ الشرقي التابع للجامعة اليسوعيّة (1940 - 1943)، حيث تابع دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة (1944 - 1950).

منذ رسامته كاهناّ حتى رسامته اسقفاً
في 7 أيّار 1950، رقّي إلى درجة الكهنوت، وعيّن خادما لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) من 1950 إلى 1956.
- درّس الأدب العربي وتاريخ الفلسفة العربيّة والترجمة في مدرسة الأخوة المريميّين في جونيه من 1951 إلى 1961.
- عُيّن أمين سرّ البطريركيّة المارونيّة، وقام بأعمالها من 1956 إلى 1961.
- رُقِّي إلى الدرجة الاسقفيّة وعيُّن نائباً بطريركياً في 16 تمّوز 1961.

منذ رسامته أسقفاً حتى تنصيبه بطريركاً
عُيّــن:
- مدبراً بطريركياً هو والمطران أنطونيوس خريش، رئيس أساقفة صيدا يومـذاك: 1974 - 1975.
رئيسا للجنة التنفيذيّة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان: عام 1975 - 1986.
- ممثلا لرئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان لدى كاريتاس لبنان: 1977 - 1986.
- مستشاراً للجنة الخاصة بإعادة النظر في الحقّ القانونيّ الشرقيّ: 1980 - 1990.
- مرشداً روحياً لمنظّمة فرسان مالطة ذات السيادة: 1980 - 1986.

منذ تنصيبه بطريركاً حتى تعيينه كردينالاً
انتخبه مجلس المطارنة بطريركاً في 19 نيسان 1986، ونصّب على كرسيّ انطاكية وسائر المشرق في 27 نيسان 1986.
- فهو البطريرك السادس والسبعون في سلسلة البطاركة الموارنة.
- شغل منصب رئيس لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان منذ 1986...
- شارك في 3 مجامع عامة لسينودس الأساقفة: 1986 – 1994.
- هو عضو مؤسّس لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك: منذ 1991...

منذ تعيينه كردينالاً حتى تـاريخـه
عُيّـن:
- كردينالاً في 26 تشرين الثاني 1994، ثم
- عضواً في المجلس الحبريّ لتفسير النصوص التشريعيّة: منذ 1994...
- وعضواً في المجلس الحبريّ لراعويّة الخدمات الصحيّة: منذ 1994...
*************************************************
1. مؤلـّفـاته
- "من ينابيع الإنجيل" (1975).
- "وغابت وجوه، جزء أول" (1983).
- "وغابت وجوه، جزء ثان" (1984).
- "عظة الأحد" (12جزءا: 1986 - 2000 ).
- رسائل الصوم في مواضيع مختلفة، وعددها 14 ( 1986 - 2000 ). 
2. ترجمـاته
- "يسوع حياة النفس" (1966، عن الفرنسية).
- "دستور رسولي في عقيدة الغفرانات وقواعد اكتساب الغفرانات" (1967، عن اللاتينية ).
- "إرشاد راعوي بشأن وسائل الإعلام" (1971، عن الفرنسية).
- "توجيهات بشأن العلاقات المتبادلة بين الأساقفة والرهبان في الكنيسة" (1978،عن الفرنسية).
وثـائـق البابا يوحنا بولس الثاني:
- رسالة عامة "فادي الإنسان" ( 1979، عن اللاتينية).
- إرشاد رسولي "في واجب تلقين التعليم المسيحي"( 1979، عن اللاتينية).
- رسالة عامة "في الرحمة الإلهية" (1980، عن اللاتينية).
- إرشاد رسولي"في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم" (1981، عن اللاتينية).
- إرشاد رسولي "في المصالحة والتوبة في رسالة الكنيسة اليوم" ( 1984، عن اللاتينية).
- رسالة عامة "في الألم الخلاصي"( 1984، عن اللأتينية).
- "ثلاث رسائل بشأن مأساة لبنان" ( 1984، عن الفرنسية).
- رسالة "إلى جميع شبان العالم" ( 1985، في مناسبة اليوم العالمي للشبيبة، عن الفرنسية). 
***********************************************************
ما ان تسلّم غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير مقاليد البطريركيّة المارونيّة حتى باشر بتحقيق المشاريع على أصعدة متعدّدة. فكانت الانجازات التالية:

1. على الصعيد الكنسي والاداريّ

1. تعيين نواب بطريركيين يقيمون في مناطق الابرشيّة البطريركيّة، منذ 1986: جبيل، البـترون، الجبّه، دير الاحمر، صربا، جونيه.
2. سيامة أساقفة (1986 – 2004) وهم: 

1986: عبدالله البارد، وخليل ابي نادر، ويوسف بشاره، وانطوان طربيه، وبولس - اميل سعاده وبشاره الراعي.
1988: بطرس الجميل.
1989: انطوان - حميد موراني و يوسف ضرغام.
1990: فيليب شبيعه، وبطرس قلاّوص، وغي - بولس نجيم، ويوسف محفوظ، وشربل مرعي.
1991: يوسف حتّي، وبولس مطر، وفرنسيس البيسري.
1992: مارون صادر.
1993: جبرايل طوبيا، وجوزف خوري.
1995: بولس - منجد الهاشم.
1996: بطرس الطيّاح، وطانيوس الخوري، بولس - نبيل الصيّاح.
1997: اسطفان هكتور الدويهي، وسمير مظلوم، ويوحنا - فؤاد الحاج، ويوسف - انيس ابي عاد، وانطوان - نبيل العنداري.
1999: ريمون عيد.
2001: روبيرت شاهين، يوسف مسعود مسعود
2002: عاد ابي كرم
2003: جورج ابي يونس، منصور حبيقه، شكرالله نبيل الحاج
2004: غريغوري منصور
2006: فرنسوا عيد، سيمون عطاالله، جورج بو جوده، الياس نصّار، سمير نصّار، ادغار ماضي
2008: يوسف سويد


 3. إنشاء أبرشيّات جديدة:

1988: أبرشيّة قبرس.
1990: أبرشيّة الارجنتين.
1994: أبرشيّة لوس انجلوس.
1996: أبرشيّة المكسيك.
1996: أبرشيّة حيفا والنيابة البطريركيّة في المملكة الاردنيّة الهاشميّة.

4. تبديل وضع بعض الابرشيّات القائمة: 

1989: تحويل نيابة دمشق البطريركيّة أبرشيّة قائمة بذاتها.
1990: ضمّ نيابة دير الاحمر البطريركيّة الى بعلبك، وإنشاء أبرشيّة بعلبك - دير الاحمر.
1990: ضم أبرشّية صربا الى الابرشيّة البطريركيّة وإعلان نيابة جبيل البطريركيّة أبرشيّة قائمة بذاتها.
1999: ضمّ أبرشيّة جونيه الى الابرشيّة البطريركيّة واعلان نيابة البترون البطريركيّة أبرشيّة قائمة بذاتها.


5. إعادة إصدار المجلة البطريركيّة: منذ 1986.
6. إعلان رتبة القداس الماروني الجديدة: 1992.
7. عقد السينودس من اجل لبنان: 1995 ثم زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان: 1997.
8. كتاب الجنازات للرجال والنساء والموتى عموما: 2000.

2. على الصعيد الاجتماعيّ والزراعيّ والتراثيّ

1. فتح مجال لإلغاء الشراكة وتمليك الشركاء بيوتهم في الديمان: منذ 1987
2. تأسيس الصندوق الاجتماعيّ المارونيّ: 1987. 
3. استصلاح اراضي في الديمان: 1995 و1999. 
4. إنشاء صندوق ضمان المطارنة المتقاعدين المشترك: 1996.
5. إعلان وادي قنوبين ومنطقة الارز محميّة تراثيّة دوليّة: 1999.

3. على الصعيد العمرانيّ

1. الصرح البطريركيّ في بكركيّ

أ) بناء المدافن الخاصة بالبطاركة والأساقفة، إلى الجهة الشماليّة من الصرح، إزاء كنيسة الصرح: 1992.
ب) جناح جديد، جنوبيّ الصرح، يضم قاعات مختلفة: قاعة كبيرة للمحفوظات، مكتبة، قاعة البابا يوحنا - بولس الثاني، غرف للأساقفة: 1996.
ج) جناح جديد، شمالي الصرح، يشتمل على مساكن راهبات وموظّفين ومرافقي الأساقفة، مع قاعة رحبة للمحاضرات ولاجتماعات مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان: 1999.
د) وضع زجاج فنّي (
Vitraux) لشبابيك كنيسة الصرح: 1994.
هـ) إنشاء ساحة مهيّأة للإحتفالات الدينيّة الكبرى، مقابل مدخل الصرح، تشتمل على خوروس رحب ومذبح، وتتسع لحوالي 20 الف نسمة: 2000.


2. الصرح البطريركيّ في الديمان ووادي قنوبين

أ) إدخال تحسينات على كنيسة الصرح: 1992 و1999.
ب) ترميم بعض اجزاء المقر البطريركيّ في قنوبين وإقامة راهبات فيه ستة اشهر في السنة: منذ 1992.

3. بناء جديد يجمع دوائر متعدّدة

أ) المحكمة الروحيّة المارونيّة: 1995.
ب) الصندوق الاجتماعيّ المارونيّ: 1999.
ج) اللجنة البطريركيّة للشؤون الليتورجيّة: 1999.
د) الأمانة العامة لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان ولمجلس بطاركة الشرق الكاثوليكيّة: 1999.
هـ) المركز المارونيّ للتوثيق والابحاث.
و) إنشاء الأمانة العامة للبطريركيّة المارونيّة


4. المدرسة الاكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير

أ) بناء الطابق الاخير مع جناحين إضافيين: 1989 – 1991.
ب) ترميم الكنيسة: 2000. 


5. الاوقاف التابعة للبطريركيّة المارونيّة

أ) ترميم مدرسة عين ورقه في غوسطا: 1995.
ب) ترميم مدرسة الروميه في القليعات: 1996.

6. في بلاد الانتشـار

أ) تحسين كنيسة سيّدة لبنان في باريس: 1994.
ب) ترميم البيت الفرنسيّ اللبنانيّ في باريس: 1997.
ج) ترميم كنيسة سيّدة لبنان والبيت الفرنسيّ - اللبنانيّ في مرسيليا: 1997.
د) تحسين مقر النيابة البطريركيّة في القدس: 1998.
هـ) ترميم المدرسة المارونيّة في روما وإعادة فتحها: 2000.
و) بناء مركز البطريرك صفير الطبّي، في ريفون: 1999.

4. على صعيد الزيارات الراعوية والرسميّة

قام بزيارات رسميّة وراعويّة إلى: الفاتيكان: كل سنة – فرنسا: 1986 و1994 و1997 و1999 - الاتحاد السوفياتي: 1987 - الجزائر: 1987 - الولايات المتحدة الاميركية: 1988 – الكويت: 1989 - قبرس: 1989  و1998 - المانيا: 1989 - أفريقيا الجنوبية: 1992- مصر 1992: و2000 – الاردن: 1993 و1998 - استراليا: 1993 - البرازيل: 1997 - نيجيريا، غانا، شاطئ العاج، توغو، بنين، السنغال: 2000. 
هذه أهم الانجازات التي تمّت في عهد غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير حتى تاريخه، 2000، وقد قام بها بكل ما أوتي من فضائل الراعي الصالح، في التقوى والشجاعة والعلم والأمانة للقيم الروحيّة والوطنيّة التي درج عليها كبار البطاركة الموارنة، عبر مسيرتهم التاريخيّة المشرقة.



قرار استثنائيّ لبطريرك استثنائيّ



عنايّا - من مدوّنة الأب جو
 
البابا قبل "الاستقالة الحرة" لصفير

  قبل البابا بينيديكتوس السادس عشر خلال لقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير يوم الجمعة استقالة رأس الكنيسة المارونية، وفق ما رجحته "النهار" في عددها الصادر صباح اليوم نفسه، ولكن البطريرك عاد من ذلك اللقاء وانتظر اعلان البابا قراره رسمياً بعدما كتب له في رسالة الرغبة في الاستقالة، "فليكن لي بحسب قولك".
وظل البطريرك على صمته حتى أمام أقرب المقربين اليه، ولو أنه لمّح عشية اللقاء لـ "النهار" الى أنه قدّم استقالته، وهي جدية ومدروسة "وبالتالي لو لم أكن اتخذت قراري لما أقدمت عليه".
وظُهر أمس أتى الجواب البابوي برسالة الى البطريرك في مقر إقامته في المدرسة البطريركية في روما، متقبلاً "قراركم الحر". وهنا نص الرسالة التي تلقاها البطريرك  وفيها القرار الاستثنائي لبطريرك استثنائي، ووزعها المكتب الإعلامي للفاتيكان (الصالة ستامبا):
"الى صاحب الغبطة الكلي الطوبى الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك انطاكيا للموارنة.
 إن السنة المخصصة للذكرى الألف والستمئة على وفاة القديس مارون وصلت الى نهايتها: زمن نعمة أعطي للكنيسة المارونية خلال هذا اليوبيل الاسستثنائي، إنه أيضاً تتويج لخدمتكم من أجل المجد الأعظم  للرب ومن أجل خير جميع المؤمنين.
إن الله بمحبته اللامتناهية طبعكم ووسمكم بأثر منه لا يمحى بانتخابكم الاستثنائي لخدمته. هذا الخيار المقدس وجد تجاوباً في جوابكم الحر والمليء بالحماسة والفرح على مثال أم الله:"فليكن لي بحسب قولك" (لوقا 1، 38 ).
تمكنتم السنة الماضية من الاحتفال بمرور ستين  عاماً على ارتقائكم درجة الكهنوت، وهذا دليل على أمانتكم ومحبتكم ليسوع المسيح الكاهن الأزلي.
وفي تموز المقبل ستكون لديكم مجدداً مناسبة لترفعوا آيات الشكر للثالوث الأقدس لإتمامكم خمسين عاماً من خدمتكم الأسقفية. وعلى مدى خمسة وعشرين عاماً تعاونتم مع سلفيكم على كرسي انطاكيا قبل أن يختاركم مجمع المطارنة في 19 نيسان 1986 لخلافتهما.  
انه لتاريخ مصيري  وضعكم اليوم على عتبة اليوبيل الفضي لهذه المسؤولية.
لقد بدأتم هذه الخدمة النبيلة كبطريرك أنطاكيا للموارنة في معمعة الحرب الدموية التي عصفت بلبنان على مدى سنين طويلة. وبشوق مضطرم الى السلام في بلدكم، قدتم هذه الكنيسة وجلتم في العالم لتؤاسوا شعبكم الذي اضطر الى الهجرة. والسلام عاد أخيراً وهو قائم ولو في شكل وهِـِن.
لقد دعاكم البابا يوحنا بولس الثاني الذي سيكون لي فرح إعلانه طوباوياً في الأول من ايار المقبل، الى أن تصبحوا  عضواً في مجمع الكرادلة في 26 تشرين الثاني 1994، لإدخالكم في شركة أعمق مع الكنيسة الجامعة. وقد رسـّخت زيارة سلفي الموقر (يوحنا بولس الثاني)  لبيروت عام 1997 لتوقيع الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" بعد المجمع -  من جديد - العلاقة الثابتة بين كنيستكم وخليفة بطرس. وعندما دعوت السينودس الاستثنائي  للشرق الأوسط في أيلول 2009  سميناكم رئيساً منتدباً شرفاً لنؤكد قيمة الخدمة الكنسية التي أتممتموها باسم المسيح.
وفي الأيام الأخيرة باركت تمثال القديس مارون الموضوع  في إحدى حنايا  كاتدرائية القديس بطرس في نهاية السنة اليوبيلية، وتسنى لي ان أحييكم أنتم ورئيس الجمهورية اللبنانية والعديد من الأساقفة والمؤمنين.
لقد اخترتم أن تتنحوا كبطريرك أنطاكيا للموارنة في هذا الظرف الاستثنائي جداً. والآن إنني أتقبّل قراركم الحر الشريف والشهم الذي هو تعبير عن عمق تواضعكم ومدى تجردكم. إنني لواثق أنكم ستواكبون دائماً مسيرة الكنيسة المارونية بالصلاة وبالنصح الحكيم وبالتضحيات.
إنني اسأل الله الكلي القدرة، بشفاعة القديس مارون وسيدة لبنان، أن يغمركم بنعمه. ومن كل قلبي أمنحكم البركة الرسولية لكم وللأساقفة وللكهنة وللمكرسين ولجميع مؤمني الكنيسة المارونية وللأمة اللبنانية العزيزة.

عن الفاتيكان في 26 شباط 2011  
(البابا) بينيديكتوس السادس عشر ".


الانتخاب
على صعيد آخر، يفترض في ضوء الاستقالة أن يدعو كبير السن بين أعضاء مجمع المطارنة ( البطريرك صفير-91 عاماً، أو إذا اعتذر المطران شكرالله حرب - 88 عاماً) خلال  15 يوماً الى مجمع انتخابي يحدد موعده هو، لانتخاب بطريرك جديد خلفاً لصفير
 وفي معلومات كنسية أن المجمع يعقد في بكركي ويبدأ برياضة روحية يمكن أن تمتـــد لثلاثـــــة أيام ثم تبدأ دورات الانتخاب على مدى 15 يوماً (دورتان صباحاً ودورتان بعد الظهر)، ويقضي القانون أن يحصل "البطريرك"على ثلثي الأصوات (27 صوتاً)  بالانتخاب السري (39 مطراناً)، ويعتقد أن اثنين منهما سيتغيبان لدواعٍ صحية فتصبح اكثرية الثلثين 25 صوتاَ.
وثمة أسماء متداولة لكن أياً منها غير مؤكد انتخابه، لأن كل الاحتمالات واردة، من المتداولين  الى "التوافقيين" وصولاً الى بعض من تخطى سن التقاعد، لأن الظرف استثنائي والقانون يتيح ذلك.
واليوم يصل البطريرك صفير الى بيروت بعد رحلة "تموضع" مار مارون في روما، والتفاصيل معه بحيث سيدعو المطارنة الى اجتماع قد يكون يوم الأربعاء المقبل 2 آذار (الذي يصادف عيد القديس يوحنا مارون أول بطريرك على الطائفة المارونية)، أول أربعاء في آذار، وبعدها يدعو الى اجتماع انتخابي، علماً أن احتفالات تكريمية له ستقام في ذكرى يوبيله البطريركي والأسقفي والكهنوتي يوم السبت 5 آذار يعقبها قداس في حريصا في اختتام يوبيل مار مارون.
واعتباراً من هاتين المناسبتين سيدعى مجمع المطارنة الى الانعقاد  في أواسط آذار المقبل والمرجح في 15 أو 16 منه.
***
حبيب شلوق/ النهار