الخميس، 22 سبتمبر 2011

البطريرك والرأي العام


كتب علي حمادة - النهار - أيلول 2011
في حضرة الوكيل الشرعي للامام خامنئي في بعلبك الاحد الفائت، اعاد البطريرك مار بشارة الراعي هجومه على الاعلام والصحافة بأسلوب يؤسف له، فتحدث عن اجتزاء لمواقفه الباريسية الغريبة، لكنه في الوقت عينه لم يخرج على الرأي العام ليوضح ما قاله، من جلاء "سوء التفاهم" هذا اذا كان هناك من سوء تفاهم. فحتى الآن ومن خلال ما قاله البطريرك الراعي في الايام التي تلت زيارته الباريسية بقيت الامور عند اتهام الاعلام والصحافة بالاجتزاء والتحوير في كلامه ولم نحصل على كلام واضح، مع العلم ان ثمة مقابلة متلفزة بالصوت والصورة وثمة تسجيلات موجودة، فضلا عن ان الكلام الذي قيل في ما بعد في بيروت ولا سيما يوم الاحد في "جمهورية حزب الله" لم يختلف في شيء عما قيل في باريس اللهم في ما عدا الكلام الذي قيل في سنّة لبنان وسوريا. لا بل اكثر من ذلك، ففي الوقت الذي كان الرئيس السوري يتحدث امام الوفد البرلماني الروسي الزائر لدمشق عن مخطط لتقسيم المنطقة، كان للراعي كلام مطابق في بعلبك عن خطر تقسيم العالم العربي. والحال ان منطق بشار الاسد مفهوم بسعيه الى الايحاء أن سوريا ووحدتها في خطر إذا ما سقط النظام. لكن على ماذا بنى البطريرك مخاوفه المتزامنة مع "مخاوف" الاسد؟
لقد كان مطلوبا من البطريرك الراعي ان يقلب صفحة التهجم على الاعلام ويفتح صفحة مصارحة الرأي العام اللبناني وحتى السوري بموقفه الباريسي الذي لم يفهم الناس منه سوى خوف وقلق من سقوط نظام يقتل الاطفال والنساء ويحاصر المدن والقرى بالدبابات، وقد بلغ عدد الشهداء الآلاف. لقد كان مطلوبا ان يعجل البطريرك قبل زيارته "جمهورية حزب الله"، وجلوسه الى مائدة الوكيل الشرعي للامام الخامنئي في لبنان، ويشرح رؤيته لدور المسيحيين في المشرق: هل هم مع الانظمة الاستبدادية لقاء وجود "بيولوجي" ام انهم اصحاب رسالة في المنطقة ولا سيما عندما يتعلق الامر بالحريات والكرامة الانسانية.
كان المطلوب ايضا التعجيل في شرح موقفه من مسألة سلاح "حزب الله" الذي ربطه في باريس بتنفيذ حق العودة الفلسطيني بخلفية مذهبية واضحة. فهل تسليم البلد الى "حزب الله" والامام خامنئي وتحويله الى معسكر على الشاطئ الشرقي للمتوسط هو مبعث امن وامان، ويدفع خطر سنة لبنان وسوريا؟ فإذا كان هذا هو رأي البطريرك، وهذا حقه، فليقل صراحة انه يصطف ضمن تحالف علوي – شيعي لموازنة غلبة سنية مزعومة في المشرق العربي.
و لنكن صريحين اكثر وفق ما دعا اليه البطريرك على مائدة الوكيل الشرعي للامام خامنئي في بعلبك، فندعوه ان يتحدث الى الرأي العام وان ينظر اليه "العين بالعين"، وليقل ما يشاء من مواقف، حتى نتبين ما اذا كان الاعلام اجتزأ او حوّر كلامه، او ان "الاعلام والصحف المبيعة في معظمها" كما زعم كانا وراء ما اعتبره إساءة له.
ان شهادتي ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وهما خارجان من الديمان قبل ايام لا تمثلان ثقلا كافيا لتسوية الموضوع. الرأي العام هو الاساس. فليتكلم البطريرك.
علي حماده     
ali.hamade@annahar.com.lb     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق