الاثنين، 24 يناير 2011

كي لا يكون آخر البطاركة الكبار للدكتور ناجي ميماسي

القديس مارون - شفيع الطائفة المارونيّة
بعيدا مما تتناقله وسائل الاعلام عن استقالة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير واحتمال قبولها او لا، لا بد من التوقف للتفكير في مواصفات البطريرك الجديد متى خلا الصرح يوما ما من سيده الذي نتمنى ألا يكون آخر البطاركة الكبار في تاريخ طائفتنا.
فما هي صفات البطريرك الماروني المطلوب انتخابه في هذه المرحلة الدقيقة للوجود المسيحي في الشرق، وفي ظل الانقسامات الحادة التي تحيق بالموارنة وتهدد بقاءهم في لبنان تحديدا وتشكل خطرا اكيدا على دورهم في بناء الدولة؟
أن يكون رجل صلاة لا خبير اتصالات: اي ان تكون علاقته بالله اقوى من علاقاته الحزبية والسياسية الى اي جهة مالت. وان يعرف ان الناس يحتاجون الى ابتسامة لا الى صرامة، والى حنان القلب لا تحجر العقل، والى ترفّع عن الدنيويات وارتقاء نحو السماويات. وحين نقول رجل صلاة نعني انه لا يخاف لان الله معه، وبالتالي لا يغذي الخوف في نفوس المؤمنين، بل ينفحهم بروح الشجاعة والمقاومة.
ان يكون رجل حوار لا منسقا بين متحاورين: اي ان يكون واضح الرؤيا. فآخر ما يصلح للموارنة اليوم بطريرك متخاذل، سياسي بالمعنى الخبيث للكلمة، مساير مصانع مداهن، يقدم اللياقات على المبادئ، ويضحى بالضعفاء خوفا من الاقوياء. وهذا لن يكون متاحا ما لم ينتخب، بالفعل لا بالقول، البطريرك من مطارنة متحررين حكماء لا ان يكون نتيجة تزاوج السلطة السياسية والمال المشبوه.
ان يكون رجل الموقف لا اسير المواقف: اي ان يكون حرا وشجاعا. فأسوأ ما يمكن ان يحصل لمسيحيي الشرق اليوم ان يكون البطريرك الذي يخلف الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير عاجزا عن مواجهة اقربائه فلا يجرؤ على ابعادهم عن الصرح، ضعيفا امام المطارنة الذين انتخبوه، فيرضخ لشروطهم ويضيع بين سياساتهم المتناقضة، مثقلا بديون ترهق كاهله وتقيد يديه عليه ان يفيها لسياسيين وعسكريين وزعماء وقضاة وموظفين.
ان يكون رجل المؤسسات لا ضيفا عابرا: اي ان يعرف متطلبات الطائفة وابنائها. فآخر ما يريده موارنة لبنان والعالم بطريرك يبرع في الكلمات لا الافعال، ويجيد الخطابات لا التخطيط، ويبرع في العظات ولا يتعظ بالتجارب. وبغير هذه الصفات سيكون الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير آخر البطاركة العظام في هذا الشرق.
* جريدة النهار - صفحة منبر - الاثنين 24 كانون الثاني 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق