الأربعاء، 26 يناير 2011

ابتزاز الفاتيكان للصحافيّ راجح الخوري


الصحافيّ راجح الخوري
 إنها قمة الوقاحة الصهيونية. لكن ليس مقبولا ان يقوم البابا بينيديكتوس السادس عشر بإدارة خده الأيسر للذين صفعوا المسيح وصلبوه وابتزوا المسيحية على امتداد التاريخ. إنها الوقاحة فعلا. فقبل اسابيع كان المسؤولون الاسرائيليون يفاخرون تقريبا بفصول المحرقة التي نفذوها ضد اهالي غزة، وها هم الحاخامون يشنون الآن هجوما شرسا على الفاتيكان والبابا، وصل الى حد محاولة فرض رأيهم حتى على الثقافة الكاثوليكية! ليس قليلا ان ينبري حاخامون من اسرائيل لمطالبة البابا صراحة بان يجعل من دراسة المحرقة النازية موضوعا مقررا في المدارس الكاثوليكية قائلين ان هذا سيساعد على اخماد مشاعر معاداة السامية المحتملة لدى الاجيال المقبلة.
❑ ❑ ❑
واذا كان الفاتيكان قد اعتذر في السابق من اليهود بعد حملة شرسة شنتها الصهيونية على قاعدة ان النازية هي احدى افرازات الحضارة الغربية ذات الجذور المسيحية، فان ذلك لم يرضِ على ما يبدو هؤلاء الذين يعطون انفسهم حق الحكم على الاجيال القادمة مفترضين وزاعمين طبعا، ان هذه الاجيال سترضع مشاعر العداء للسامية مع الحليب! النازية ليست بنت الكنيسة، كما تريد الصهيونية ان تقول دائما. والفاتيكان لا يستطيع ولا يفترض ان يدير الخد الايسر لهؤلاء الحاخامين الذين دأبوا على صفعه على خده الايمن. واذا كان احد الاساقفة (ريتشارد وليامسون) قد قال ان هناك مبالغة في تصوير حجم المحرقة النازية ضد اليهود، فان الفاتيكان اتخذ المواقف والاجراءات التي اوضحت الامر. فليس هناك في الاساس من ينكر حصول المحرقة وما انطوت عليه من العار. ولكن الحاخامين والصهاينة لا يكتفون بل يواصلون الابتزاز وخصوصا مع البابا بينيديكتوس الالماني الاصل. وقد روّجوا تكرارا انه كان عضوا ايام فتوته الاولى في احدى الحركات الكشفية النازية.
❑ ❑ ❑
ولم يطلب كبير حاخامي حيفا ياشوف كوهين ان يكون موضوع المحرقة مقررا ضمن مناهج دراسية في المدارس الكاثوليكية في كل انحاء العالم فحسب، بل طالب الفاتيكان ايضا بان يتخذ موقفا قويا ضد مشروع الاعلان الختامي لمؤتمر الامم المتحدة المناهض للعنصرية الذي سيعقد الشهر المقبل، ويرى البعض انه معاد لإسرائيل، انطلاقا من الفكرة التي تساوي بين الصهيونية والعنصرية. ومن المؤكد ان البابا بينيديكتوس الذي سيقوم بجولة في الاردن وفلسطين المحتلة، سيزور متحف "يادفاشيم" الذي اقيم لتخليد ذكرى المحرقة النازية، وهو ما يفترض ان يوقف حملة الابتزاز الراهنة التي تشن ضد الفاتيكان. ولكن الصهاينة الذين يحرصون دائما على تأثيم الوجدان المسيحي والعالمي انطلاقا من وقائع الهولوكوست الذي نفذه الرايخ الثالث ضد اليهود ولا يتردد المرء في ادانته بقوة، لا يقفون عند حد وهم يشهرون تهمة "اللاسامية" في وجه الدول والمجتمعات والافراد، رغم انهم حققوا نظرية احد جدودهم وهو سيغموند فرويد اهم علماء النفس الذي قال: "ان الضحية تتوق دائما الى لعب دور الجلاد". لا بل انهم تفوّقوا على جلاديهم واثبتوا انهم نازيو العصر في غزة وقبلها في قانا ثم في الجنوب وكل لبنان. اذا استمر الرضوخ لمسلسل ابتزازهم الذي لا ينتهي فقد نجدهم يطالبون غدا بتغيير وقائع الانجيل وصلب السيد المسيح بحجة ان هذا يمكن ان ينهي المشاعر المعادية للسامية.
راجح الخوري rajeh.khoury@annahar.com.lb

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق