الثلاثاء، 8 مارس 2011

ملفّات التملّك وحركة البيع والشراء وتداعياتها على الهوية بقلم ريتا صفير



في موازاة تحديد مجلس المطارنة الموارنة الأربعاء المقبل بداية للمجمع الذي سينتخب بطريركاً جديداً خلفاً للبطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، تتسارع الخطوات الهادفة الى اعادة جدولة التحديات الملقاة على عاتق الكنيسة والهيئات والمجالس الدائرة في فلكها كالرابطة المارونية، بهدف ايجاد السبل الكفيلة بمعالجتها. وفي ظل اولوية الاوضاع السياسية والامنية التي يواجهها مسيحيو الشرق، والتي تحتم تفعيل الاتصالات والخطوات على اكثر من مستوى، يتواصل العمل على ملفات حساسة ذات صلة وابرزها المتعلق بالواقع الديموغرافي للمسيحيين في لبنان وتوزعهم الجغرافي انطلاقا من سلسلة زوايا في مقدمها التملّك العقاري الجاري في عدد من الاقضية، وحركة البيع والشراء فيها، اضافة الى المشاريع العقارية التي يجري تنفيذها – وبعضها تحت ستار شركات وهمية – وتحديد هوية المالكين من خارج البلدة.
عملياً، يسعى العاملون على الملفات الى الفصل بين توقيت طرح هذه المسائل، وهو توقيت يبدو دقيقا في نظرهم في ظل الظروف السياسية والتشنج الطائفي السائد، وضرورة تواصل المساعي  لايجاد حل للمعضلات "الجيو- ديموغرافية" منعا لتفاقمها، ويتسلحون في هذا الشأن بمحاولات تجذير المسيحيين في ارضهم وتفعيل وجودهم، مما يحتم، في تقديرهم، الاضاءة على المشاكل التي يعانون منها وتسليط الضوء على الواقع الاقتصادي في البلدات والاقضية التي يعيشون فيها ولا سيما من خلال المشاريع الاقتصادية المنفذة او التي هي قيد التنفيذ، او التعديات والممارسات غير القانونية الجارية في مناطق عدة.
على المستوى الوطني، قد يصح القول إن الازمة الحكومية ومشتقاتها، وخصوصا تعليق عمل مجلس النواب، فرضت "استراحة محارب" حيال هذه الملفات، بعد الدوي الذي احدثه المشروع الذي تقدم به الوزير بطرس حرب والقاضي بوقف بيع اراضي المسيحيين الى طوائف اخرى. الا انها لم تحل دون تفعيل الاجتماعات واللقاءات مع الهيئات المعنية، ولا سيما المجالس البلدية، بهدف التوصل الى تشخيص دقيق للواقع يسبق طرح اقتراحات حلول وتدابير عملانية لتحسينه.
تسلّط مجموعة تقارير باتت في متناول المعنيين، وحصلت "النهار" على نسخ منها، الضوء على الواقع الديموغرافي – العقاري في عدد من البلدات والاقضية وسط تبدل الهوية الذي يرافقه عبر اعمال بيع تطرح حيالها علامات استفهام او خطوات تثير حفيظة الاهالي. وفي خلاصة نماذج لشهادات فاعليات ومسؤولين يتبين الآتي:
في منطقة بعبدا، وتحديداً بلدية المريجة، التي سلخت عن بلدية برج البراجنة، كانت نسبة الموارنة فيها توازي 95 في المئة من السكان، علما ان مساحتها تقدر بـ2,5 كيلومترين مربعين وتعد 27 الف نسمة. وبعدما تهجر الاهالي عام 1975، سعى الرئيس الراحل كميل شمعون الى منع بيع الاراضي فيها.  غير انه وعقب تهجير 1983، باتت العقارات تباع بسعر مغر جدا بحسب المعنيين حتى وصل الى 5 آلاف دولار المتر المربع. ووفقا للتقديرات، لم يبق في البلدة سوى بعض الاملاك التابعة للوقف ومساحتها 150 الف متر مربع ولبعض العائلات المسيحية. وقد ساهمت خطوة انشاء ابنية في عقارات الوقف لاسكان المسيحيين مقابل بدلات مخفوضة في عودة بعض العائلات. الا ان الوجود المسيحي صار خجولا، بوصف المتابعين، ولا يتعدى الـ 20 منزلا. ولوحظ ان ضمن نطاق البلدية 25 الف وحدة سكنية لغير المسيحيين.
اما بلدية الشياح، اكبر بلدة مارونية في ابرشية بيروت، (مساحتها 1,6 كيلومتر مربع)، فتضم 12 الف مسكن، ضمنها7 آلاف عائلة مسيحية و5 آلاف عائلة مسلمة. ومع سعي البلدية الى منع حصول تغيير ديموغرافي – جغرافي، برزت مجموعة مطالب منها أن يتولى الصندوق الماروني انشاء وحدات سكنية، بالتزامن مع تدابير واجراءات تساعد الاهالي على التمسك بأرضهم. وثمة اصرار يعبر عنه المعنيون يقضي بانشاء وحدات سكنية عامة، على غرار ما حصل في فرن الشباك وعين الرمانة في الاعوام الثلاثة الماضية. ولا تنأى لائحة المطالب عن الاشارة الى الحاجة الى حصول مراجعة في مشروع "اليسار" بعدما عمد الى تملك اراض في الاوزاعي، وسط تركيز على اعادة بناء الكنائس التي كانت موجودة ضمنه.  ودخلت الى منطقة فرن الشباك - غاليري سمعان التي يقدر عدد سكانها بـ60 الف نسمة تجارة البناء، علما ان 90 في المئة من التجار ينتمون الى طائفة معينة ويتولون طرح اسعار مغرية جدا. وتبين التقديرات ان 60 في المئة من المشترين في العامين الماضيين هم من غير المسيحيين، علما ان نسبة المسيحيين في المنطقة قدرت بـ80 في المئة مقابل 20 في المئة لغير المسيحيين. كما لوحظ ان الشراء يتناول العقارات الصغيرة وليس الكبيرة. ولم تستثن الملاحظات الاراضي التي تباع في عدد من مناطق القضاء ويملكها مسيحيون اغنياء.  
جزين
اطلقت بلديات جزين مشروع المحافظة على الارض لانماء المنطقة، وايجاد فرص عمل عبر التركيز على الزراعة والصناعة والتنمية الاجتماعية والسياحة البيئية والبنى التحتية. ومعلوم ان في القضاء اتحادين، الاول يضم بلديات جزين (27 قرية) والثاني هو اتحاد بلديات الريحان الذي يجمع 6 قرى، الى 18 قرية من دون بلدية.وتفيد الارقام انه في كل قرى جزين المسيحية لا يعيش اكثر من 4 آلاف شخص في شكل دائم خلافا لبقية المناطق والطوائف. وقد نجم عن ذلك تداعيات عدة ابرزها حصول عمليات بيع كثيرة. ففي كفرحرة ثمة 80 في المئة من الاراضي مباعة من غير المسيحيين، وفي الحمصية 40 في المئة، وفي انان 50 في المئة. اما في كفرفالوس، فتبرز معضلة ذو وجهين، فالى الاتجاه الى اقامة 5 آلاف وحدة سكنية لغير المسيحيين، تطرح مسألة تمركز تنظيم عسكري في بعض المزارع التابعة للمسيحيين لاسباب استراتيجية. كما تبرز مسألة القرى الصغيرة ولاسيما في شرق صيدا  والتي شهدت او تشهد تغييرا في طابعها الديموغرافي او الجغرافي، وسط قيام نافذين بشراء مساحات هائلة وبروز "ظاهرة" الشركات العقارية.
لاسا 
وفي لاسا، تتواصل الدعاوى الجزائية ضد التعديات على العقارات عبر انشاء بساتين او تشييد ابنية عليها، مما دفع القوى الامنية الى التدخل في مرحلة، فيما قدرت مجمل المساحة التي استغلها المعتدون بمليون متر مربع. وفي الغابات وقرقريا والمزاريب وأفقا، ثمة نماذج من خلافات تطاول 10 ملايين متر مربع مع وقفية احدى العائلات فيها. كما لاحظت الفاعليات في فترة انتشارا في بعض القرى يهدف الى وضع اليد على مصادر المياه فيها والاراضي الزراعية والسكنية، في مسعى يهدف في طياته الى تحقيق تنام ديموغرافي.
ازاء هذا الواقع، يطرح العاملون على الملفات اسئلة كثيرة حيال المعالجات الممكنة لهذه التحولات والتي يخشى ان تطاول في امكنة معينة هوية المناطق ديموغرافياً وجغرافياً.
ووسط تأكيد المعنيين ان المسألة تلقى الاهتمام اللازم، وإن كان في جزء منه بعيدا من الاعلام، يتواصل العمل على اقتراحات ومشاريع حلول تشمل في ما تشمله، كما يقولون، تبيان الواقع الديموغرافي والجغرافي ضمن نطاق البلديات عبر تحديد فئات السكان وخريطة انتشارهم وهجرتهم، وحركة التملك والبيع والشراء والمشاريع العقارية، الى تحديد المالكين من خارج البلدة. ومن المعالجات المطروحة ايضا، وضع آلية انذار مبكر لعمليات البيع المشبوهة، فيما يستمر درس اقتراح عقد مؤتمر يضم البلديات المسيحية يضع "الاصبع على الجرح" عبر تحديد تشخيص شامل ودقيق للقضية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق