الأربعاء، 16 فبراير 2011

المختصر في تاريخ المقاومة المسيحيّة (2) للدكتور أندره كحّاله



II- من القرن السابع حتى القرن الرابع عشر
1-  ولادة المقاومة المسيحية: حقبة  الخيار الرابع
  ان المفصل التاريخي في مصير المشرق سيكون  الإجتياح الإسلامي الذي امتدّ خارج الجزيرة بعد موت النبي محمد حوالي سنة 632 , بحيث تحولت الغارات الخجولة إلى اكتساحٍ كاملٍ مع معركة اليرموك  (من روافد نهر الاردن) في 20 آب سنة  636م[1]، ومعركة القادسية سنة 637 . المعركة الأولى تمّ فيها انكسار الأمبراطورية البيزنطية والمعركة الثانية تمّ فيها إنكسار الأمبراطورية الفارسية الساسانية .
  أمّا كيف استطاع الجيش الإسلامي الانتصار على الأمبراطوريّتين الكبرييّن ، فالسببان الأساسيان هما:
·   أولاً أن العقود القليلة التي سبقت هذا الانتصار، شهدت حروباً داميةً بين البيزنطيين والفرس أدّت إلى استنزاف قواهما على طول الجبهات المشرقية.
·    والسبب الثاني أن الشعب السرياني الآرامي كان موزعاً على الكنائس المنفصلة عن الكنيسة البيزنطية، فكان موقفها المبدئي هو الترحيب بالاحتلال الإسلامي، علّه يخلّصهم من الاستبداد البيزنطي[2] كما يورد المؤرخ ابن العبري اليعقوبي:"إله النقمة أرسل العرب لكي يخلصنا من الروم... نجونا من ظلم الروم و بغضهم لنا". فكان الإنتقال من السيئ الى الاسوأ...
  عند هذا المنعطف الخطير، كان لابد للوجود المسيحي أن يواجه خياراتٍ مصيريةً، وقد حدّدها الإسلام بثلاثة:
 1-الإسلام او الموت : أسْلِم تَسْلَم (مما أدى إلى أسلمة اكثرية الشعوب المشرقية وشمال أفريقيا خلال قرنين)
كما يورد المؤرخ  ابن عبد الحكم في" فتوح مصر" عن  جواب عمرو بن العاص عند حصاره للمقوقس في مصر:"إنه ليس بيني وبينكم الا إحدى ثلاث خصال ، أما إن دخلتم في الاسلام فكنتم اخواننا وكان لكم ما لنا ، وأما إن أبيتم وأعطيتم الجزية عن يد وانتم صاغرون ، وأما إن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين."[3]

2 -الذمّية والجّزية[4]: وهو خيار أكثرية  السكان المسيحيين ,  بحيث حافظوا على أرواحهم وممتلكاتهم مقابل التخلي عن حقوقهم المدنية والسياسية لقاء دفع الجزية , إلى جانب ضريبة الخراج  وهي الضرائب الفروضة على الأملاك، الظالمة جداً...وقد استعمل الخليفة عمر بن الخطاب هذه الجزية في خطته للقضاء على المسيحية بين بني تغلب وذلك " في اصراره على الا ينصروا وليداً لما اسقط عنهم الجّزية".[5]

3- الترحيل والاقتلاع: كما يتم وصفها أحياناً بطريقة منقحة ومجمّلة: "لقد اتصفت العهود الإسلامية الأولى بالسماحة ورحابة الصدر، فسمحت لمن شاء من السكان والرهبان والموظفين بالهجرة إلى الأراضي البيزنطية، فغادر الدولة الإسلامية عددٌ وافرٌ من نصارى سورية وأقاموا في بلاد الروم وفي جنوب إيطاليا وجزيرة صقلية. وحافظ الباقون على كنائسهم وأموالهم وحريتهم الدينية وشرائعهم الخاصة بقيادة أساقفتهم"[6]. ويذكر المؤرخ البلاذري:" ان الخليفة عمر بن الخطاب قام باجلاء بقايا النصرانيين اّلذين لم يعتنقوا الاسلام من نجران الى العراق سنة 635 "[7]

كما ""تفيد بعض الروايات ان عمر بن الخطاب طرد مسيحيين ويهوداً من الجزيرة العربية  وأن ذلك كان تنفيذاً لوصية الرسول لما تثبت لديه ان الرسول قال "لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان" وايضاً" اخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" كما ورد في مسند ابن حنبل"".[8]

  أمّا الخيار الرابع الذي لم يخطر ببال الإسلام، فهو المقاومة والنضال الذي قرره موارنة  بلاد السريان عندما  التحقوا بموارنة جبل لبنان وقام القديس يوحنا مارون بتأسيس البطريركية المارونية الإنطاكية حوالي 685م. متحدياً السلطة الكنسية البيزنطية والسلطة العسكرية الإسلامية...
        إن التحديد الدقيق لتواريخ هذه الحقبة المفصلية غير متوفر حتى اليوم، ولكن"اياً تكن نتيجة  الدراسات والابحاث العلمية، ما من شك في أن قيام البطريركية المارونية...هو حد فاصل أنهى معاناة خطيرة بسبب غياب القيادة وبدأ مرحلة جديدة من الوجود المتراصَّ المتمّيز المعالم دينياً واجتماعياً وثقافيا "[9]
        " فالفكرة التي سيطرت على الموارنة آنذاك , لم تكن فكرة الانفصال او الاستقلال عن الكنيسة بقدر ما كانت المحافظة عليها من هيمنة الدخلاء , حفاظا يضمن التراث والتقليد واستمرارية الوجود ,خاصة عندما شرع البيزنطيون يعينون على كرسي انطاكية بطاركة إسميين يدينون لهم بالولاء والتبعية , بدءا من سنة 640 تقريبا حتى سنة 702 , بعدها امتنعوا كليا عن أي تعيين "[10]
        أمّا في أرجاء الأمبراطورية الأموية التي امتدت من مشارف الصين مروراً بالشرق الأوسط والجزيرة العربية إلى شمال إفريقيا وإسبانيا حتى أواسط فرنسا، فإن الإستعمار اللغوي والثقافي أخذ يشقّ طريقه ابتداءً من سنة 691 وذلك أولاً، باعتماد اللغة العربية كلغةٍ رسميةٍ في كل دواوين الدولة بدل اليونانّية والفارسّية، وثانياً، باعتماد عملةٍ إسلاميةٍ بدل العملتين  البيزنطية  والفارسية،على عهد الخليفة الاموي الخامس عبد الملك بن مروان . هذان الإصلاحان كانا من أهم أسباب توطيد النفوذ الإسلامي وإعطاء الحكم صفةً مركزيةً ممّا ساهم بترسيخ الهوية العربية الإسلامية بحيث "أصبحت كلمة عروبة ملازمة للإسلام".[11]
  كذلك أصبحت المعركة الثقافية واللغوية وجهاً ثانياً لمقاومة الشعب المسيحي الذي ظلّ يحافظ على تراثه وحضارته من خلال إنتاجاته الفكرية المؤتمنة في الأديرة ومن خلال لغته المحكية في القرى والجبال. فالقديس يوحنا الدمشقي الذي عاش تحت الحكم الأموي في القرن الثامن (749+) ، كتب نتاجه كلّه بالسريانية واليونانية.

  نجد إذاً انه بعد أن كانت سائر المناطق قد أسلمت في دينها وتعرّبت في لغتها، ظلّ جبل لبنان مسيحياً في دينه وسريانياً في لغته. "منذ ذلك الحين، بدأ الجبل اللبناني بالظهور على المسرح السياسي في هذا القسم من العالم، هذا الجبل اللبناني بقيادة الموارنة، وركائزه الجغرافية هي جبة بشري ,  بلاد جبيل وبلاد البترون"[12]
  اما معاناة المسيحيين الرازحين تحت الحكم الإسلامي، فقد جاء وصفها كالتالي:
  " فنزحت إلى أقسام لبنان الشمالية جماعاتٌ مسيحيةٌ من المناطق المجاورة، والبعض هرب من دفع الجزية، أو تجنباً لأن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية ، والبعض هرب ممّا فرضه الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (717-720) من قيودٍ وتمييزٍ بين المواطنين فرضت بشكل تشريعٍ على أهل الذمة كانت الأولى من نوعها: وخلاصتها أنه منع المسيحيين من الوظائف الحكومية العامة ، وحظر عليهم لبس العمائم ، وطلب إليهم أن يلبسوا ثياباً ذات زنانير من جلدٍ تميّزهم عن سائر الناس) بما عرف بالغيار ) ، وأن يركبوا الدابة دون أن تسرج ، ودون  أن يكون لها بردعة ، وألاّ يبنواكنائس ، وأن تكون صلواتهم بصوتٍ منخفضٍ لا يسمع بالخارج".[13]
  هذا الوصف كان ينطبق على أرجاء الأمبراطورية الأموية، لكنه لم ينطبق على دولة المردة الحرة في جبل لبنان وعاصمتها بسكنتا. هذه السيطرة للمردة انطلاقاً من جبل لبنان وصولا الى الساحل اللبناني تأكدت عندما اراد معاوية بناء اسطول بحري من اجل الحملات الثلاث التي قادها على القسطنطينية , بين سنة 660 و 674 , اذ لم يستطع استعمال موانئ لبنان كما يورد المؤرخون :"كان معاوية اول خليفة يبني اسطولا بحرياً في الاسلام مستخدما مينائي عكا والاسكندرية".[14]. في المقابل "في اللأيام المبكرة للأمويين استقدم الخليفة معاوية ( 661 - 680  ) عشائر فارسية حديثة الإسلام من إيران لكي تستوطن في هضاب بعلبك وطرابلس ,وكذلك في كسروان .[15]
  دولة المردة هذه استطاعت فرض معاهدات متتالية على الخلفاء الأمويين وأجبرتهم على دفع جزية لقاء عدم تعرّض دمشق لغارات المردة[16] . حيث يذكر البلاذري في فتوح البلدان :" ان عبد الملك صالح المردة الجراجمة  مع الامبرلطور (قسطنطين الرابع ) على الف دينار في كل جمعة... واقتدى في صلحه بمعاوية حين شغل بحرب العراق، فانه صالحهم على ان يؤدي لهم حالاً
  كما يذكر تيوفانوس: " في السنة الاولى ليوستينيانوس الثاني الاخرم اي سنة 685 ، ارسل عبد الملك رسلاً لابرام عهد الصلح".لكن المعاهدة تضمنت أمرا خطيرا وهو أن تسحب الدولة البيزنطية قواتها الغازية من جميع المناطق التي احتلتها  في بلاد المشرق بما فيهم قوات" المردة الروم" [17]ً... فأبرز الملك أمراً بابعاد اثني عشر الفاً من المردة عن لبنان.هذا الابعاد من قبل عسكر الروم لعسكر المردة  أدّى الى "سقوط الجدار النحاسي"حسب تعبير المؤرخ البيزنطي تيوفانس ,ويصفها ايضاً الدويهي في تاريخ الازمنة, كما يصف إبن القلاعي  مجزرة قب الياس ...
  وقد روى المؤرخ  البطريرك إسطفانوس الدويهي في كتابه "تاريخ الطائفة المارونية " : "أن البطرك الماروني الأول يوحنا مارون نقل مركزه عام 685 الى جبل لبنان واستقر في قرية كفرحي من بلاد البترون هربا من الغارة التي شنها عسكر الروم ذلك العام على دير مارون في وادي العاصي ..."[18]
    "وقد نتج عن اندماج الموارنة والمردة  والمسيحيين المحليين حوالي سنة  700 , ظهور الطائفة المارونية  ودورها على مسرح الأحداث في لبنان , وغدت اللغة السريانية , وهي لغة آرامية مسيحية اللغة الدينية والأدبية والشائعة لهذه الطائفة[19].
  لما انتصر العباسيون على الأمويين في معركة الزاب سنة 750 وانتقلت عاصمةالحكم من دمشق الى بغداد ( 762)  اتخذت الخطة المعروفة بالتعريب والتذويب منحىً أكثر تشدداً :
 ولنا أن نعتقد أن هجرة المسيحيين إلى لبنان ازدادت أيام العباسيين لاسيما في خلافة هارون الرشيد (786-809) وفي خلافة المتوكل (847-861)، كما أنه عند منصرم القرن العاشر، أصبحت سوريا ومصر والعراق بلداناً إسلاميةً في حياتها ومظاهرها العامة. أما في مصر، فإن القوانين التي سنها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (996-1021) أجهزت على ما تبقى من معالم النصرانية وجعلت البلاد بلاداً إسلاميةً محضةً، كما أن الأمم المغلوبة على أمرها أبدت من المقاومة اللغوية ما لم تبده في المقاومة الحربية أو الدينية، ولم يتم انتصار العربية كلغة يتكلمها الناس المغلوبون على امرهم، الا عند منصرم العهد العباسي، اي في اوائل القرن الثالث عشر.[20]
   أما في أوروبا، فنجد المسيحيين الفرنسيين عرضةً للمعاناة نفسها، لأن الفتح الإسلامي وصل إلى عمق فرنسا ولم يتراجع إلا بعد معركة بواتييه سنة 732، بينما استمر الإحتلال الإسلامي لإسبانيا لأكثر من سبعة قرون ( 712 – 1492 ).
  إذا كان تاريخ لبنان يبدأ منذ ستة آلاف سنة، كما يؤكد المدافعون عن النظرية الفينيقية، فالحقيقة هي أن تاريخ المسيحيين في لبنان كشعبٍ وعى كيانه وأراد السيادة والحرية وضحى بكل شيء من أجلها، هذا التاريخ يبدأ مع الاحتلال العربي الاسلامي:
"إذ لم يكن للتمايز الحضاري من وجودٍ قبل هذه الفترة، لأن لبنان المسيحي قبل القرن السابع كان مرتبطاً بسائر المشرق المسيحي كما بالغرب داخل دائرةٍ حضاريةٍ واحدةٍ. ولكن تغيير ملامح المنطقة المشرقية وفرض الإسلام والعروبة عليها، أدّى إلى فك الارتباط العضوي بين سكان لبنان المسيحي وسائر المنطقة المعرضة بحيث شهدت المنطقة تناقضاً ومواجهةً بين شعبٍ عربيٍّ مسلمٍ من جهةٍ، وشعبٍ سريانيٍّ مسيحيٍّ من جهةٍ أخرى، وصراعٍ بين حضارتين ما تزال نتائجه تتفاعل حتى اليوم"[21]
  إن هذا التناقض الحضاري قد بدأ في لبنان مع حملات الخليفة العباسي المنصور ابتداءً من سنة 758 الذي سهّل الاستيطان الإسلامي على السواحل اللبنانية بواسطة القبائل القادمة من الجزيرة العربية ، وابرز هذه القبائل التنوخّيون اللذين سيكون لهم دور بارز في تاريخ لبنان في القرون التالية
 "وهكذا تحولت طبيعة الصراع من حربٍ بين الكيان المسيحي في جبل لبنان ودولةٍ إسلاميةٍ محيطةٍ بها، إلى صراعٍ على الأرض الواحدة بين شعبين اعتبر المستوطنون أنفسهم السكان الشرعيين"[22]. أهمّية هذه الصورة بالغة الخطورة، فهي ترشدنا إلى تطوّر النيّة الإسلامية في المنطقة...




   مع اعتماد العباسيين نظام السلطة الروحية والزمنية للخليفة، اعتبروا بلاد المشرق بلاداً مفتوحة بالحرب"[23] ،  لكن سكان جبل لبنان لم يذعنوا لسلطتهم واول ثورة اندلعت في وجههم كانت ثورة المنيطرة( 759-760) في اعالي لبنان القريبة من أفقا وقد ثار أهلها على ظلم العّاسيين رفضاً لضريبة الخراج من قبل عامل بعلبك ، قاد الثورة  شاب جريء دعى نفسه "الملك بندار" وقد انتصر  في بادئ الامر مسيطرا نزولا حتى مدينة بعلبك مما جعل العباسيين يشنون هجوما مضاداً على جميع القرى الثائرة في منطقة المنيطرة ،"وشتتوا سكانها في طول البلاد وعرضها وارتكبوا المجازر في حق الاطفال والشيوخ والنساء"[24].
 وقد ذكر البلاذري ثورة المنيطرة وذكر معها رسالة الامام الاوزاعي ( 774+ ) الى صالح بن علي والي الشام العباسي اعتراضا على الظلم اللاحق بأهل جيل لبنان...
  نستنتج من هذه الثورة "أن العباسيين عمدوا الى حل مختلف جذريا عن الحل الاموي للجراجمة , فلم يدخلوا في الحل أي إغراء اقتصادي إنما اعتمدوا  إجلاء السكان ونقل القبائل العربية التنوخية  الى لبنان ابتداء من سنة 763 , والسيطرة المباشرة على الجبل , وهي كلها حلول عنف وإرهاب."[25]
  وقد قام التنوخيّون , الذين استوطنوا في منطقة الغرب على المرتفعات المجاورة لبيروت , بحماية السواحل والجبال المشرفة على بيروت من غارات الموارنة في الجبل . يورد الشدياق في اخبار الأعيان انه وقعت بين الفريقين صدامات قوية بالقرب من نهر بيروت وفي انطلياٍس وانكفًت المردة من ساحل  بيروت..
" وهكذا بدأت في لبنان اول امارة عربية اسلامية هي الامارة التنوخية وعاصمتها بيروت منذ سنة 875  والتي ظلت مستمرة حتى العهد العثماني، اي حوالي ثمانية قرون متواصلة، يقابلها مقدمية الموارنة في الجبال الشمالية وكسروان. وابتدأت بذلك تظهر معالم الكيان الذاتي في لبنان."[26]



 2-الاستقرار النهائي في جبل لبنان : حقبة اكتمال المثلث الذهبي
  لم يستقرّ مركز البطريركية المارونية في لبنان نهائياًً قبل حوالي سنة 938 , مع خراب دير مار مارون على العاصي كما يصفه المسعودي ( 956+ )" بسبب غارات البدو المتكررة وجور السلطان "[27] . هذا التطور الدراماتيكي تسبب ايضاً بنزوح كثيف لموارنة العاصي نحو جبل لبنان , اذ "امتزج الوافدون الجدد في لبنان مع الآراميين سكان البلاد الاصليين وكونوا معهم معقلاً وملجأ للمقهورين والمستائين القادمين من سوريا الداخلية، من هذا الاندماج تكونت الامة المارونية التي لا تزال سائدة في لبنان وتؤلف الجماعة الاكثر تماسكا"[28].
هذا الانتقال للبطريركية المارونية وتمركزها نهائيا في جبل لبنان وما سبقه وما تلاه من انتقال شعبي كثيف خلال القرن التاسع يمكن تحليل طبيعته على الشكل التالي:هو لم يكن استيطاناً ولا هجرة لكن الصفة الاصح هي أنه  تهجيرٌ داخليٌ من منطقة مسيحية اصبحت تحت الخطر الداهم الى منطقة جبلبة مسيحية تؤمن "الحرية الوجودية" للشعب وللكنيسة اللذين شكلا الأمة المارونية بكنيستها القومية تحت القيادة الدينية والسياسية للبطريرك.
 " فإن اعداداً كبيرة من الموارنة كانت تعيش فعلاً في شمال  لبنان قبل زمن طويل من ملاحقة البيزنطيين لموارنة الداخل الشامي, وقد هرب هؤلاء من وادي العاصي ... للإنضمام الى الموارنة الآخرين في شمال لبنان .[29]   
  إن المقاومة بأهدافها الثلاثة، دفاعاً عن الايمان، دفاعاً عن الحرية و دفاعاً عن لبنان , إستطاعت بعد هذه المرحلة المصيرية إكمال ما نسميه المثلث الذهبي، أي مبدأ " الوجود المسيحي الحرّ في لبنان".
  حلّ لبنان الجبلي على مسرح التاريخ محل لبنان البحري بعد الاحتلال العربي الاسلامي للسواحل ، فانعزل عن البحر وتراجع الى حياة اقتصادية ريفية الاساس[30]،"وظهر جبل لبنان وكأنه جزيرة مسيحية صغيرة في بحر من الاسلام."[31]
  هذا الصمود المسيحي في جبل لبنان كان له مثالٌ واحدٌ على الأقل وهو صمود السريان الشرقيين في شمال العراق، حيث طبيعة الأرض الجبلية كانت تسمح بالمقاومة والعيش الحرّ كما في جبال لبنان.لكن ميزة جبل لبنان كانت دوما الانفتاح على البحر كما سنرى لاحقا.
  إذا كانت ولادة القضية المشرقية تحدّد بحوالي سنة 636 ، أي بالفتح الإسلامي وما استتبعه من مدٍّ على كل الأراضي المشرقية، ممّا بلور الهوية المسيحية اللبنانية والنزعة الاستقلالية في جبل لبنان، فإن ولادة القضية اللبنانية تحدّد بحوالي 758، أي بالخطة الاستيطانية على السواحل اللبنانية وما ولدت من ثنائيةٍ في الهوية والانتماء ما زالت تتفاعل حتى يومنا: فمن ناحيةٍ، هنالك الشعب المسيحي اللبناني، ومن الأخرى، هنالك الشعب المسلم العربي في لبنان. وكل كلامٍ عن وحدة الشعب اللبتاتي هو من باب التغاضي عن حقائق التاريخ أو من باب التزوير التاريخي. فإذا كنا نستطيع الكلام عن شعبٍ يوغسلافي واحدٍ أو شعبٍ قبرصي واحدٍ، عندئذٍ نستطيع الكلام عن شعبٍ لبناني واحدٍ....!!
ابتداء من هذه المرحلة اصبح  تاريخ الشعب المسيحي ممتزجٌا بتاريخ الكنيسة المارونية في جبل لبنان وهو تاريخ الاضطهاد والمقاومة: "فليس لدينا عن حياة الموارنة في الجيل الثامن وحتى الحادي عشر إلا هذان المستندان: الجنائن التي نحتوها في الصخور والصلوات التي كانوا يصلّّونها "[32] "لأن المارونية عاشت تاريخها قبل ان تدونه سطوراً غلى ورق."[33]
  "في نهاية القرن الحادي عشر كان الوضع السياسي كما يلي: سيطرة الفاطميين الشيعة في جنوب لبنان وسيطرة السلاجقة  السنة في البقاع وسيطرة التنوخيين في بيروت والجبل حلفاء السلاجقة ( الذين سيعرفون فيما بعد ببني بحتر) وسيطرة بني عمار في طرابلس والشمال وسيطرة مقدمي الموارنة في جبال الشمال ... أما التوزيع الطائفي في لبنان فكان كما يلي: الشيعة في الجنوب وبعض البقاع وطرابلس والشمال ومنطقة جبيل.وكانت الدرزية في وادي التيم وبعض الشوف وفي الغرب والمتن ، اما السنة فكانوا في بيروت وبعلبك وصيدا والمسيحيون في جبال طرابلس وفي بعض الاقسام الجبلية الشمالية ,  اما النصيرية فكانوا في وادي التيم وعكار . بهذا التوزيع المذهبي الذي سببه الاحتماء بالجبال اللبنانية قابل اللبنانيون الحملة الصليبية الاولى."[34]
  "في أوائل القرن الثاني عشر إنطلق الدروز والموارنة من بين الطوائف اللبنانيّة - كل فريق على حدة –  في مسيرة تاريخيّة واضحة المعالم , ومع إنطلاق هاتين المسيرتين بدأ تاريخ الجبل اللبناني ينتهج نهجه الخاصّ "[35]


   3-  المرحلة الصليبية: حقبة التواصل مع الغرب
  مع تقلبات الزمن ونهاية القرن الحادي عشر، وصلت الحملات الصليبية سنة 1098 ، فتنادت المدن الساحلية لمقاومة الإفرنج ، وهي المدن التي كانت ذات طابعٍ إسلاميٍّ وتابعةً للحكم الفاطمي تارةً ، والعباسي طورا ً.
 "لم يقدًر الحكام السلاجقة في بلاد الشام ولا الحكام الفاطميون في مصر وفلسطين حقيقة الاهداف الصليبية واخطارها ، فعمد الفاطميون الى الاتصال بالصليبيين امام انطاكية لمفاوضتهم على محاربة السلاجقة واقتسام البلاد قتكون بلاد الشام للصليبيين وتكون فلسطين للفاطميين. وعدم التقدير هذا افاد الصليبيين كثيراً اذ وفّر عليهم التعرض لتجمع اسلامي كبير"[36]
أما مسيحيو الجبل فقد ذكر المؤرخ غليوم الصوري وهو اسقف صور اللاتيني: "ولما وصل الفرنج فوق مدينة طرابلس في زحفهم على أورشليم، بعد فتح إنطاكية، هبط إليهم جماعةٌ من المؤمنين السريان الذين يسكنون جبل لبنان فوق جبيل والبترون وطرابلس... لأجل تهنئتهم وعرض خدماتهم عليهم. فرحبوا بهم بعواطف الحب الأخوي واتخذوا منهم هداةً يرشدونهم"[37] وكان للموارنة دور في فتح طرابلس حسب قول ابن الاثير اذ "اتى سكان الجبل المجاور واهالي الارياف الذين كانوا بمعظمهم مسيحيين، لمساعدة ريمون دي صانجيل"[38].
  كما دوّن المؤرخ جاك دو فيتري المعاصر للمرحلة :"إنهم  اناس يعيشون فوق هضاب لبنان , في منطقة فينيقيا , على مقربة من مدينة جبيل , عددهم لا يستهان به , وانهم مدربون وبارعون في استعمال القوس والسهم في الحروب , واسمهم الموارنة "[39].
  بعد سقوط القدس بيد الصليبيين في 14 تموز سنة 1099 جاء دور المدن الساحلية الأخرى  ، "فأول المدن اللبنانية التي سقطت هي جبيل سنة 1104 وطرابلس سقطت سنة 1109 وتحولت الى قومسيّة (أي  كونتية ) صليبية. ويذكر الشدياق قدوم المردة – الموارنة- لمساعدة الامير بودوان على حصار بيروت التي سقطت بعد شهرين . وسقطت صيدا سنة 1110 بعد طلب الامان ، اما صور فكانت اخر مدن الساحل التي  تسقط بيد الصليبيّن سنة 1124 وبذلك تكون اكتملت السيطرة الصليبية على الساحل اللبناني."[40]
    "إن السهولة التي تمت بها السيطرة الصليبية على الواجهة البحرية للمتوسّط تجد تفسيرها في امور ثلاثة رئيسيّة:
·        أولاَ حميّة الأوروبيين العقائديّة (لا أنكار للأسباب الدينية الى جانب الأسباب الإقتصادبة والإجتماعية )
·   ثابيا خلافات وانقسامات القوى الإسلاميّة المجزأة بين أمراء مختلفين , أتراك وسلجوقيين وفاطميين وبربر , ( هذا التشرذم الإسلامي سوف يدوم خلال أكثر فترات الحملات  الصليبية )
·        ثالثا عدم مبالاة السكان الوطنيين بفعل ما عانوه استعباد وظلم على يد طغاة غرباء "[41].
    " على غرار الأسلوب الإقطاعي الاوروبي لتلك المرحلة , قسّم الصليبيون البلدان المحتلة الى اربع دول : مملكة القدس كدولة رئيسية ذات سيادة , وثلاث دول إقطاعية تابعة وهي كونتية طرابلس وإمارة أنطاكية وكونتية اديسا (الرها) على ضفتي الفرات .كما  قسٍم لبنان الى قسمين متساويين تقريباَ : القسم الجنوبي من شمالي بيروت حتى الحدود الفلسطينية يتبع مملكة القدس ,والقسم الشمالي من شمال بيروت حتى طرطوس يتبع كونتية طرابلس" [42].
   كما " أعاد الفرنج فتح الموانيء للتجارة الأوروبية ... وكان هذا الحدث بدء ازدهار كبير دام قرنين "[43].
  " الاب لامنس اليسوعي أرّخ في كتابه "تسريح الأبصار ..."  لعلاقة مسحيي لبنان وخاصة الموارنة بالصليبيين، فرأى انها كانت "على وئام عظيم" اذ كان هناك مكان ممتاز محفوظ للموارنة في نظام الدولة اللاتينية، فهم يأتون مباشرة بعد الفرنج وقبل اليعاقبة والارمن الذين كانوا يتقدمون على الاغريق والنساطرة والاحباش".[44]


   على الرغم من طابع التحالف العام الذي طبع علاقة الموارنة بالصليبيين من منطلق ديني كما كان الأساس في تلك الأيام، فان خلافات دموية نشبت بين الفريقين. كان الموارنة من فترة إلى اخرى يتحدَون الفرنجة ويثورون عليهم كما في حادثة مقتل كونت  طرابلس  بونس ، مما سبب بحملة عسكرية انتقامية  قام بها إبنه ريمون الثاني سنة 1137[45]." فقد سهّل أهالي بشري مرور بزواش التركي مع جيشه عندما زحف من بعلبك إلى طرابلس مروراً بجبال بشري وهاجم الصليبيين في طرابلس"[46].
  ان الاحوال المضطربة تسببت ايضاً بخروج موارنة جبة المنيطرة وناحية لحفد عن طاعة البطريرك، كما ثاروا على الامير الصليبي صاحب سنيورية جبيل .ووصلت الخلافات الى ذروتها عام 1145 ، حيث قام الموارنة الخارجين عن طاعة الصليبيّن بمناهضة  الفرنجة في طرابلس وقطع  دروب الجبل.من نتائج هذا الانقسام في الجسم الماروني "ان عسكر نور الدين اخذ حصن المنيطرة سنة 1165 على الارجح بتسهيل ومعاونة من الشطر الماروني المذكور ،كما توغل صلاح الدين في جبل الموارنة حتى حصن المنيطرة ايضاً سنة 1186. وقد "دعيت المنطقة التي دخلا منها الفتوح ولا تزال تدعى كذلك[47] .
 خلال سنوات حكم صلاح الدين الأيوبي ( 1174- 1193 ) " لم يبق مع الصليبّين من الأراضي اللبنانية سوى طرابلس المدينة وصور وقلعة الشقيف"[48].
   اخمدت نار هذه القتنة حسب قول غليوم الصوري "عندما عاد الموارنة صفاً واحداً الى الكنيسة الكاثوليكية بتدخل امير جبيل الفرنجي[49] ...ويورد غليوم الصوري(  1185 + ) في تاريخه أنه "في حوالي 1180 بينما كان بطريرك انطاكيا اللاتيني المدعو  اّمّوري يقوم بزيارة القدس  قابله فيها عدد من الأساقفة والقساوسة الموارنة معلنين وقوفهم إلى جانب روما , وموافقتهم على الإنضمام إلى البيعة الكاثوليكيّة الرومانيّة"[50].

  بلغت هذه الوحدة ذروتهابين الموارنة والفاتيكان وتكرست في عهد البطريرك القديس ارميا العمشيتي الذي سافر الى روما وشارك في المجمع اللاتراني الرابع سنة 1215 ." إن الدعوة إلى المجمع اللاتراني ورسالة الغفران من البابا زخيا الثالث إلى الطائفة المارونيّة هي أقدم الوثائق الثابتة بشأن تاريخ الكنيسة المارونيّة , وقد نشر نصّها الأب طوبيّا العنيسي في مجموعة الرسائل المارونيّة".[51]
  هكذا نشأت العلاقة المستديمة بين البطريركية المارونية وبابوية روما بفضل الحكم الصليبي .وكان الموارنة الى جانب تجنيدهم المقاتلين يجهزون الادارة المحلية بالعديد من الموظفين.
  واستمرت حال التعاون وتصاعدت مع مجيء الملك الفرنسي القديس لويس التاسع على رأس الحملة الصليبية السابعة سنة 1250 الى عكا حيث يذكر الشدياق :"ارسل أمير المردة ولده سمعان ومعه خيل بخمسة و عشرين  الف مقاتل الذين استقبلوا بالترحاب... ثم كتب الملك لويس إلى أميرالموارنة ورؤساء كهنتهم كتاباً ومضمونه أولا اظهارمحبته للموارنة ثانيا امتداح كنيستهم وإتحداهم الدائم مع خلفاء بطرس الرسول ثالثاً تأكيد الحماية لهم منه ومن خلفائه ومن شعب فرنسا"[52].
  ان مرحلة تقهقر الوجود الصليبي ونهاية الاستقلال الذاتي لجبل لبنان تمتد على فترة طويلة  من سنة 1260 تاريخ وصول المماليك الى بلاد الشام بعد انتصارهم على المغول في معركة عين جالوت، الى سنة 1305  تاريخ سقوط كسروان بيد المماليك . فالمماليك قاموا بحملاتٍ متتاليةٍ على جبل لبنان لإخضاعه بمشاركة التنوخيين، بهدف القضاء على دولة المردة المستقلة في جبل لبنان التي كانت عاصمتها "بسكنتا"،والهدف الثاني كان القضاء على الطوائف الاسلامية الشيعية المختلفة ساحلا وجبلا .
     بعد توحيد المماليك تحت قيادة ملكهم الظاهر بيبرس قرروا القضاء على الوجود الصليبي في المدن الساحلية وحاصروا في بادئ الامر طرابلس ، " لكن المردة نزلت عليهم من قمم الجبال اجبرتهم على التراجع سنة 1264"[53].   بعد مرور 17 سنة عاد المماليك تحت امرة الملك قلاوون الى محاصرة طرابلس سنة 1281 وغزو جبل لبنان لان اهله كانوا نجدة للصليبيين .امتد المماليك نحو إهدن حيث هزموها بعد حصار دام 40 يوماً وقد اظهر اهلها شجاعة لا مثيل لها حيث فضلوا الاستشهاد على التسليم للمحتل.
ثم سارت جيوش المماليك الى حدث الجبة ولما تراجع اهلها الى مغارة عاصي الحدث واستحكموا فيه ، عمد المماليك الى استعمال الحيلة والخيانة واغراق المغارة واهلها بالمياه سنة1281 [54]. قاد المقاومة ضد هذا الاجتياح البطريرك الماروني  كما يذكر المؤرخ العربي ابن عبد الظاهر: " قصده التركمان في مكانه وتحايلوا عليه حتى امسكوه وكان امساكه فتوحاً عظيماً اعظم من افتتاح حصن او قلعة وكفى الله مكره." [55]
يذكر المؤرج كمال الصليبي ان لوقا البنهراني كان بطريركا سنة 1282 مع البطرك ارميا الدملصاوي "واصبح للطائفة المارونية بالتالي ولفترة وجيزة بطريركان... لكن البطريرك لوقا انتهى نهاية مفاجئة وعنيفة" على يد عصابات من التركمان تعمل لحساب قلاوون"[56]
  رغم كل هذه المعاناة لم يستسلم الموارنة لمصيرهم بل عادوا الى تجميع قواهم وفي سنة 1287 لما حاصر الملك قلاوون طرابلس انحدر اليه المردة وقتلوا من عسكره خلقاً كثيراً، مما يدل على ان غزوة المماليك لأهدن وغيرها لم تضعف مردة الجبل كثيرا"[57] .
  اما الوقفة الاستقلالية البطولية الاخيرة  فكانت في معركة 1293 التي انتصر فيها الجيش المسيحي في ما عرف بمثلث الفيدار جبيل المدفون [58] حيث واجه 30 ألف مسيحي نحو مئة ألف من جيوش المماليك والعشائر العربية وانتصروا عليها من دون مساندة الصليبيين ولا البيزنطيين[59]. هذه المعركة لا يتكلم عنها تاريخنا الرسمي، حفاظاً على وحدة الشعب.مع العلم ان اخر معقل للصليبيين في عكا سقط سنة 1291 ولم يعد للصليبيين اي وجود في الشرق الا في قبرص ,

 كان الموارنة في هذه الوقفة البطولية يحاربون بقواهم الذاتية تجاه جيوش المماليك. هذه الحملة جرى الاعداد لها من قبل المماليك طيلة 5 سنوات وقد كان السلطان اشرف خليل يقود  الجيوش من دمشق .  هذه المعركة" كانت بقيادة نائب السلطان بيدرا الذي خضع لشروط الموارنة  عندما خسر المعركة ، كما خضع معاوية وعبد الملك قبله"[60].
  هذه الحال لم تدم طويلا لحين  جمع المماليك جيوشهم في حملات كاسحة متتالية بين سنة 1302 - 1305 تحت قيادة الملك الأشرف خليل وهي من اعنف ما تعرض له لبنان ومن اشدها فتكاً وخرابا ، بما عرف بحملة كسروان. وكانت كسروان تمتد جنوبا الى نهر بيروت .وكان سكانها من الموارنة واليعاقبة والدروز والشيعة والنصيرية[61].
  إذا كانت معركة اليرموك هي المفصل التاريخي المصيري الذي سمح للغزو الإسلامي أن يمتدّ إلى مناطق المشرق المسيحي، ويسيطر عليها ما عدا جبل لبنان الذي حافظ على استقلاليته وكيانه طيلة سبعة قرونٍ، فإن حملة كسروان واجتياحها أدّت إلى سقوط الكيان المسيحي وإلى سيطرة الحكم الإسلامي المملوكي على جبل لبنان، أي ما تبقى من بقعةٍ حرّةٍ في المنطقة المشرقية.
  مع انتهاء  الحملات الصليبية التي دامت مئتي سنةً ظهرت نتائجها :فقد كانت من القضايا الكبرى الخاسرة في التاريخ،اذ لم تستطع تحقيق هدفها الأساسي، وهو تحرير الأراضي المقدسة، كما أن مساحة الاحتلال الصليبي جاءت صغيرةً جداً، فلم تشمل لا دمشق ولا حمص ولا حماه ولا حلب.
  من آثار المرحلة الصليبيةفي الهندسة الدينية : دير مار يوحنا مرقص في جبيل والبلمند في الشمال .
إن الثمن الذي دفعه المسيحيون بعد الانسحاب الصليبي من المشرق جاء باهظاً جداً... إن من حيث التهجير الجديد من المدن الداخلية كحلب وغيرها، وإن من حيث الحملات العسكرية على جبل لبنان والاحتلال المملوكي.


[1] محمد علي مكّي : لبنان .. ص 22
[2] فؤاد قازان : لبنان  ص 118
[3] فيليب حتي : تاريخ العرب – دار الكشاّف 1952 - ص 220
[4] سورة التوبة :  29
[5] الطبري : ج4 ص 40 , والبلاذري: ص 251
[6] ميشال يتيم : تاريخ الكنيسة ص 168
[7] فيليب حتي : تاريخ العرب ص 96
[8] د. سلوى بالحاج صالح : المسيحية العربية وتطوراتها ص 145
[9]  بولس نعمان : محطات مارونية.. ص 95
[10]  بولس نعمان : ذكرى تأسيس البطريركية المارونية –منشورات معهد التاريخ في جامعة الروح القدس الكسليك 1992 – ص 10
[11] Larousse : Chronique de L’Humanité page 290
[12] حتي : تاريخ لبنان  ص 310
[13] حتي : تاريخ لبنان  ص 312
[14] حتي : موجز تاريخ الشرق الادنى ص 163
[15] كمال الصليبي : بيت بمنازل كثيرة ص 180
[16] وليد فارس : التعدّدية في لبنان – منشورات الكسليك 1979- ص 46
[17]  محمد علي مكي : لبنان .. ص 42
[18]  كمال الصليبي : منطلق تاريخ لبنان – دار نوفل 1992 -   ص43
[19]  جواد بولس : لبنان والبلدان المجاورة -  مؤسسة بدران بيروت  1973-  ض 252
[20]  حتي : تاريخ لبنان ص 313
[21] وليد فارس : التعددّية ,,  ص34
[22] وليد فارس : التعددّية .. ص 52
[23] مسعود الخوند : الموسوعة التاريخية الجغرافية ج 16 ص 72
[24] البلاذري : فتوح البلدان – دار النشر للجامعييّن  1957 - ص 162  / إبن عساكر : تاريخ دمشق ج5 ص 341
[25] محمد علي مكّي : لبنان ..ص65
[26] محمد علي  مكّي : لبنان.. ص 69
[27] (  ابو الحسن علي  ) المسعودي : التنبيه والاشراف – دار التراث 1968 - ص 131
[28] حتي : تاريخ لبنان ص 390
[29] كمال الصليبي : بيت بمنازل كثيرة  ص 179
[30] مسعود الخوند : الموسوعة التاريخية الجغرافىة  - الشركة العالمية للموسوعات طبعة ثالثة 2005 -ج 16 ص 72
[31] حتي : تاريخ لبنان ص 311
  [32] ميشال عويط : الموارنة ص 72
[33]  الأب يوسف محفوظ :مختصر تاريخ الكنيسة المارونية  ص 7 
  [34] محمد علي مكي : لبنان .. ص 105
 [35]  كمال الصليبي : منطلق تاريخ لبنان – دار نوفل 1992 -  ص 74
   [36]  محمد علي مكّي : لبنان .. ص 111
[37]  حتي : تاريخ لبنان ص 350
[38]  الأب بطرس ضوَ : تاريخ الموارنة – دار النهار 1970-  ج3 ص 440[38]
[39]  الأب يوسف محفوظ :مختصر تاريخ الكنيسة المالاونية  ص 87
[40] محمد علي مكّي :  لبنان .. ص 118- 122
[41] مسعود الخوند : الموسوعة التاريخية الجغرافية ج 16 ص 77
[42] مسعود الخوند : الموسوعة التاريخية الجغرافية ج 16 ص 77 /  78
[43]  جواد  بولس : لبنان والبلدان المجاورة ص 312

[44]  مسعود الخوند : الموسوعة التاريخية الجغرافية ج 16 ص 78
[45]  كمال الصليبي : منطلق تاريخ لبنان – دار نوفل 1992 -  ص 128
[46]  بطرس ضو : تاريخ الموارنة ج 4 ص 42
[47]  بطرس ضو ً: تاريخ الموارنة ج3 ص 472
[48]  محمد علي مكي : لبنان.. ص 176
[49] بطرس ضو : تاريخ الموارنة ج3 ص 519
[50] كمال الصليبي : بيت بمنازل كثيرة – دار نوفل –  ص131 
[51]  كمال الصليبي : منطلق تاريخ لبنان -  دار نوفل 1992 –  ص 93
[52] طانيوس الشدياق : اخبار الاعيان في تاريخ  لبنان – مكتبة العرفان ,بيروت 1954- ج1 ص 205
[53] بطرس ضو : تاريخ الموارنة ج3 ص 442
[54] البطريرك إسطفانوس  الدويهي : تاريخ الأزمنة- تحقيق الأب  توتل اليسوعي ,بيروت 1950- ص 135
[55] إبن عبد الظاهر : تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور- القاهرة 1961 – ص 47
[56] كمال الصليبي : بيت بمنازل كثيرة ص 132

[57] طانيوس الشدياق : اخبار الاعيان ج1 ص 206
[58] طانيوس الشدياق : اخبار الاعيان ج1 ص 208
[59] وليد فارس : التعدّدية.. ص 92
[60] بطرس ضو : تاريخ الموارنة ج3 ص 445
[61] حتي : تاريخ لبنان ص398

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق